وصل. وفي نحو إخال ، وهو افعل المفتوح العين من فعل المكسور العين مخالف لما نقله النحويون. فإنهم نقلوا عن الحجازيين فتح حرف المضارعة مما أوّله همزة وصل ، ومما كان على وزن فعل بكسر العين يفعل بفتحها ، أو ذا ياء مزيدة في أوله ، وذلك نحو : علم يعلم ، وانطلق ينطلق ، وتعلم بتعلم ، إلا إن كان حرف المضارعة ياء ، فجمهور العرب من غير الحجازيين لا يكسر الياء ، بل يفتحها. وفي مثل يوجل بالياء مضارع وجل ، مذاهب تذكر في علم النحو ، وإنما المقصود هنا : أن كلام ابن عطية مخالف لما حكاه النحاة ، إلا إن كان نقل أن إخال بخصوصيته في لغة قريش مكسور الهمزة دون نظائره ، فيكونون قد تبعوا في ذلك لغة غيرهم من العرب ، فيمكن أن يكون قول ابن عطية صحيحا.
وقد تقدم لنا في سورة الحمد في قوله : (نَسْتَعِينُ) أن الكسرة لغة قيس وتميم وأسد وربيعة. وقد أمعنا الكلام على ذلك في (كتاب التكميل لشرح كتاب التسهيل) من تأليفنا. وقراءة ابن محيصن : ثم اطره ، بإدغام الضاد في الطاء. قال الزمخشري : هي لغة مرذولة ، لأن الضاد من الحروف الخمسة التي يدغم فيها ما يجاورها ، ولا تدغم هي فيما يجاورها ، وهي حروف ضم شفر. انتهى كلامه. إذا لقيت الضاد الطاء في كلمة نحو مضطرب ، فالأوجه البيان ، وإن أدغم قلب الثاني للأول فقيل : مضرب ، كما قيل : مصبر في مصطبر. قال سيبويه : وقد قال بعضهم : مطجع ، في مضطجع ومضجع أكثر ، وجاز مطجع ، وإن لم يجز في مصطبر مطبر ، لأن الضاد ليست في السمع كالصاد ، يعني أن الصفير الذي في الصاد أكثر في السمع من استطالة الضاد. فظاهر كلام سيبويه أنها ليست لغة مرذولة ، ألا ترى إلى نقله عن بعض العرب مطجع ، وإلى قوله : ومضجع أكثر ، فيدل على أن مطجعا كثير؟ وألا ترى إلى تعليله ، وكون الضاد قلبت إلى الطاء وأدغمت ، ولم يفعل ذلك بالصاد ، وإبداء الفرق بينهما؟ وهذا كله من كلام سيبويه ، يدل على الجواز. وقد أدغمت الضاد في الذال في قوله تعالى : (الْأَرْضَ ذَلُولاً) (١) ، رواه اليزيدي ، عن أبي عمرو ، وهو ضعيف. وفي الشين في قوله تعالى : (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) (٢) ، (وَالْأَرْضِ شَيْئاً) (٣) ، وهو ضعيف أيضا. وأما الشين فأدغمت في السين. روي عن أبي عمرو ذلك في قوله تعالى : (إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) (٤) ، والبصريون لا يجيزون ذلك عن أبي عمرو ، وهو رأس من رؤوس
__________________
(١) سورة الملك : ٦٧ / ١٥.
(٢) سورة النور : ٢٤ / ٦٢.
(٣) سورة النحل : ١٦ / ٧٣.
(٤) سورة الإسراء : ١٧ / ٤٢.