عن وقت المعاهدة ، وقد تقدم الكلام على الإيفاء والعهد في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) (١) وفي مصحف عبد الله : والموفين ، نصبا على المدح.
وقرأ الجحدري : بعهودهم على الجمع.
(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) : انتصب : والصابرين على المدح ، والقطع إلى الرفع أو النصب في صفات المدح والذم والترحم ، وعطف الصفات بعضها على بعض مذكور في علم النحو.
وقرأ الحسن ، والأعمش ، ويعقوب : والصابرون ، عطفا على : الموفون ، وقال الفارسي : إذا ذكرت الصفات الكثيرة في معرض المدح والذم ، والأحسن أن تخالف بإعرابها ولا تجعل كلها جارية على موصوفها ، لأن هذا الموضع من موضع الإطناب في الوصف والإبلاغ في القول ، فإذا خولف بإعراب الأوصاف كان المقصود أكمل ، لأن الكلام عند الإختلاف يصير كأنه أنواع من الكلام ، وضروب من البيان ، وعند الاتحاد في الإعراب يكون وجها واحدا أو جملة واحدة. انتهى كلامه.
قال الراغب : وإنما لم يقل : ووفى ، كما قال : وأقام ، لأمرين : أحدهما : اللفظ ، وهو أن الصلة متى طالت كان الأحسن أن يعطف على الموصول دون الصلة لئلا يطول ويقبح ، والثاني : أنه ذكر في الأول ما هو داخل في حيز الشريعة ، وغير مستفاد إلّا منها ، والحكمة العقلية تقتضي العدالة دون الجور ، ولما ذكر الوفاء بالعهد ، وهو مما تقضي به العقود المجردة ، صار عطفه على الأول أحسن ، ولما كان الصبر من وجه مبدأ الفضائل ، ومن وجه جامعا للفضائل ، إذ لا فضيلة إلّا وللصبر فيها أثر بليغ ، غيرّ إعرابه تنبيها على هذا المقصد. انتهى كلامه.
واتفقوا على تفسير قوله (حِينَ الْبَأْسِ) أنه : حالة القتال.
واختلف المفسرون في : البأساء والضراء ، فأكثرهم على أن البأساء هو الفقر وان الضراء الزمانة في الجسد ، وإن اختلفت عبارتهم في ذلك ، وهو قول ابن مسعود ، وقتادة ، والربيع ، والضحاك.
وقيل : البأساء : القتال ، والضراء : الحصار ، ذكره الماوردي. وهذا من باب الترقي
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٤٠.