وقيل : تتقون الأكل والشرب والجماع في وقت وجوب الصوم ، قاله السدي.
وقيل : تتقون المعاصي ، لأن الصوم يكف عن كثير ما تشوق إليه النفس ، قاله الزجاج.
وقيل : تتقون محظورات الصوم ، وهذا راجع لقول السدي.
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) إن كان ما فرض صومه هنا هو رمضان ، فيكون قوله أياما معدودات عنى به رمضان ، وهو قول ابن أبي ليلى وجمهور المفسرين ، ووصفها بقوله : معدودات ، تسهيلا على المكلف بأن هذه الأيام يحصرها العد ليست بالكثيرة التي تفوّت العد ، ولهذا وقع الاستعمال بالمعدود كناية على القلائل ، كقوله : (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) (١) (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) (٢) (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) (٣).
وإن كان ما فرض صومه هو ثلاثة أيام من كل شهر ، وقيل : هذه الثلاثة ويوم عاشوراء ، كما كان ذلك مفروضا على الذين من قبلنا ، فيكون قوله : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) عنى بها هذه الأيام ، وإلى هذا ذهب ابن عباس ، وعطاء.
قال ابن عباس ، وعطاء ، وقتادة : هي الأيام البيض ، وقيل : وهي : الثاني عشر ، والثالث عشر ، والرابع عشر ، وقيل : الثالث عشر ويومان بعده ، وروي في ذلك حديث. «إن البيض هي الثالث عشر ويومان بعده» فإن صح لم يمكن خلافه.
وروى المفسرون أنه كان في ابتداء الإسلام صوم ثلاثة أيام من كل شهر واجبا ، وصوم يوم عاشوراء ، فصاموا كذلك في سبعة عشر شهرا ، ثم نسخ بصوم رمضان.
قال ابن عباس : أول ما نسخ بعد الهجرة أمر القبلة ، والصوم ، ويقال : نزل صوم شهر رمضان قبل بدر بشهر وأيام ، وقيل : كان صوم تلك الأيام تطوعا ، ثم فرض ، ثم نسخ.
قال أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي في (ري الظمآن) : احتج من قال إنها غير رمضان بقوله صلىاللهعليهوسلم : «صوم رمضان نسخ كل صوم» ، فدل على أن صوما آخر كان قبله ، ولأنه تعالى ذكر المريض والمسافر في هذه الآية ثم ذكر حكمها في الآية الآتية بعده ، فإن كان هذا الصوم هو صوم رمضان لكان هذا تكريرا ، ولأن قوله تعالى : (فِدْيَةٌ) يدل على
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٠٣.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٨٠.
(٣) سورة يوسف : ١٢ / ٢٠.