يفطر ، وهو قول ابن عمر ، والشعبي ، وأحمد ، وإسحاق ، وقيل : لا يفطر يومه ذلك ، وإن نهض في سفره وهو قول الزهري ، ويحيى الأنصاري ، ومالك ، والأوزاعي ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي.
واختلفوا إن أفطر ، فكل هؤلاء قال : يقضي ولا يكفر. وقال ابن كنانة : يقضي ويكفر ، وحكاه الباجي عن الشافعي ، وقال به ابن العربي واختاره ، وقال أبو عمر بن عبد البر : ليس بشيء ، لأن الله أباح له الفطر في الكتاب والسنة ، ومن أوجب الكفارة فقد أوجب ما لم يوجبه الله.
وظاهر قوله : (أَوْ عَلى سَفَرٍ) إباحة الفطر للمسافر ، ولو كان بيت نية الصوم في السفر فله أن يفطر وإن لم يكن له عذر ، ولا كفارة عليه ، قاله الثوري ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، والشافعي وسائر فقهاء الكوفة.
وقال مالك : عليه القضاء والكفارة ، وروي عنه أيضا أنه : لا كفارة عليه ، وهو قول أكثر أصحابه.
وموضع (أَوْ عَلى سَفَرٍ) ، نصب لأنه معطوف على خبر : كان ، ومعنى : أو ، هنا التنويع ، وعدل عن اسم الفاعل وهو : أو مسافر إلى ، أو على سفر ، إشعارا بالاستيلاء على السفر لما فيه من الاختيار للمسافر ، بخلاف المرض ، فإنه يأخذ الإنسان من غير اختيار ، فهو قهري ، بخلاف السفر ؛ فكان السفر مركوب الإنسان يستعلي عليه ، ولذلك يقال : فلان على طريق ، وراكب طريق إشعارا بالاختيار ، وأن الإنسان مستول على السفر مختار لركوب الطريق فيه.
(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) قراءة الجمهور برفع عدة على أنه مبتدأ محذوف الخبر ، وقدر : قبل ، أي : فعليه عدة وبعد أي : أمثل له ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي : فالواجب ، أو : فالحكم عدة.
وقرىء : فعدة ، بالنصب على إضمار فعل ، أي : فليصم عدة ، وعدة هنا بمعنى معدود ، كالرعي والطحن ، وهو على حذف مضاف ، أي : فصوم عدة ما أفطر ، وبين الشرط وجوابه محذوف به يصح الكلام ، التقدير : فافطر فعدة ، ونظير في الحذف : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) (١) أي : فضرب فانفلق. ونكر (فَعِدَّةٌ) ولم يقل : فعدتها ، أي : فعدة
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٦٣.