وذلك لتفخيمه وتعظيمه وإن كان المراد بقوله : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) أيام رمضان ، فجوزوا في إعراب شهر وجهين.
أحدهما : أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو : شهر رمضان ، أي : المكتوب شهر رمضان ، قاله الأخفش ، وقدره الفراء : ذلكم شهر وهو قريب.
الثاني : أن يكون بدلا من قوله : الصيام ، أي : كتب عليكم شهر رمضان ، قاله الكسائي ، وفيه بعد لوجهين : أحدهما : كثرة الفصل بين البدل والمبدل منه ، والثاني : أنه لا يكون إذ ذاك إلّا من بدل الاشتمال : لا ، وهو عكس بدل الاشتمال ، لأن بدل الاشتمال في الغالب يكون بالمصادر كقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) (١) وقول الأعشى :
لقد كان في حول ثواء ثويته |
|
تقضي لبانات ويسأم سائم |
وهذا الذي ذكره الكسائي بالعكس ، فلو كان هذا التركيب : كتب عليكم شهر رمضان صيامه ، لكان البدل إذ ذاك صحيحا. وعكس : ويمكن توجيه قول الكسائي على أن يكون على حذف مضاف ، فيكون من بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة تقديره : صيام شهر رمضان ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، لكن في ذلك مجاز الحذف والفصل الكثير بالجمل الكثيرة ، وهو بعيد ، ويجوز على بعد أن يكون بدلا من أيام معدودات ، على قراءة عبد الله ، فإنه قرأ : أيام معدودات ، بالرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف ، أي : المكتوب صومه أيام معدودات. ذكر هذه القراءة أبو عبد الله الحسين بن خالويه في كتاب (البديع) له في القرآن ؛ وانتصاب شهر رمضان على قراءة من قرأ ذلك على إضمار فعل تقديره : صوموا شهر رمضان ، وجوزوا فيه أن يكون بدلا من قوله : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) قاله الأخفش ، والرماني وفيه بعد لكثرة الفصل ، وأن يكون منصوبا على الإغراء تقديره الزموا شهر رمضان ، قاله أبو عبيدة والحوفي ، ورد بأنه لم يتقدم للشهر ذكر وإن كان منصوبا بقوله : (وَأَنْ تَصُومُوا) حكاه ابن عطية وجوزه الزمخشري قال : وقرىء بالنصب على : صوموا شهر رمضان ، أو على الإبدال من : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) ، أو على أنه مفعول : وأن تصوموا. انتهى كلامه ؛ وهذا لا يجوز ، لأن تصوموا صلة لأن ، وقد فصلت
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢١٧.