قالوا : ومن شرطه أن لا يمل ، ففي (الصحيح): يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : قد دعوت فلم يستجب لي.
وخصص الدعاء بأن يدعوا بما ليس فيه إثم ، ولا قطيعة رحم ، ولا معصية ، ففي الصحيح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من مسلم يدعوه بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله تبارك وتعالى إحدى ثلاث : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخر له ، وإما أن يكف عنه من السوء بمثلها». وينبغي أن يكون الدعاء بالمأثور ، وأن لا يقصد فيه السجع ، سجع الجاهلية ، وأن يكون غير ملحون.
وترتجى الإجابة من الأزمان عند السحر ، وفي الثلث الأخير من الليل ، ووقت الفطر ، وما بين الأذان والإقامة ، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء ، وأوقات الاضطرار ، وحالة السفر والمرض ، وعند نزول المطر ، والصف في سبيل الله ، والعيدين ، والساعة التي أخبر عنها النبي صلىاللهعليهوسلم في يوم الجمعة : وهي من الإقامة إلى فراغ الصلاة : كذا ورد مفسرا في الحديث ، وقيل : بعد عصر الجمعة ، وعند ما تزول الشمس.
ومن الأماكن : في الكعبة ، وتحت ميزابها ، وفي الحرم ، وفي حجرة النبي صلىاللهعليهوسلم ، والجامع الأقصى.
وإذا كان الداعي بالأوصاف التي تقدمت غلب على الظن قبول دعائه ، وأما إن كان على غير تلك الأوصاف فلا ييأس من رحمة الله ، ولا يقطع رجاءه من فضله ، فإن الله تعالى قال : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) (١) وقال سفيان بن عيينة : لا يمنعن أحد من الدعاء ما يعلم من نفسه ، فإن الله تعالى قد أجاب دعاء شر الخلق إبليس : (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٢).
وقالت المعتزلة : الإجابة مختصة بالمؤمنين (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٣) لأن وصف الإنسان بأن الله أجاب دعوته صفة مدح وتعظيم ، والفاسق لا يستحق التعظيم ، بل الفاسق قد يطلب الشيء فيفعله الله ولا يسمى إجابة.
قيل : والدعاء أعظم مقامات العبودية لأنه إظهار الافتقار إلى الله تعالى ، والشرع قد ورد
__________________
(١) سورة الزمر : ٣٩ / ٥٣.
(٢) سورة الحجر : ١٥ / ٣٦. وسورة ص : ٣٨ / ٧٩.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٨٢.