وقرأ باقي السبعة : لرؤوف ، مهموزا على وزن ندس ، قال الشاعر :
يرى للمسلمين عليه حقا |
|
كحق الوالد الرؤوف الرحيم |
وقال الوليد بن عقبة :
وشر الظالمين فلا تكنه |
|
يقابل عمه الرؤوف الرحيم |
وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : لروف ، بغير همز ، وكذلك سهل كل همزة في كتاب الله ، ساكنة كانت أو متحركة. ولما كان نفي الجملة السابقة مبالغا فيها من حيث لام الجحود ، ناسب إثبات الجملة الخاتمة مبالغا فيها ، فبولغ فيها بأن وباللام وبالوزن على فعول وفعيل ، كل ذلك إشارة إلى سعة الرحمة وكثرة الرأفة. وتأخر الوصف بالرحمة لكونه فاصلة ، وتقدّم المجرور اعتناء بالمرءوف بهم. وقال القشيري : من نظر الأمر بعين التفرقة ، كبر عليه أمر التحويل ؛ ومن نظر بعين الحقيقة ، ظهر لبصيرته وجه الصواب. (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) : أي من كان مع الله في جميع الأحوال على قلب واحد ، فالمختلفات من الأحوال له واحدة ، فسواء غير ، أو قرّر ، أو أثبت ، أو بدل ، أو حقق ، أو حوّل ، فهم به له في جميع الأحوال. قال قائلهم :
حيثما دارت الزجاجة درنا |
|
يحسب الجاهلون أنا جننا |
(قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) : تقدّم حديث البراء ، وتقدّم ذكر الخلاف في هذه الآية. وقوله : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) : أيهما نزل قبل؟ ونرى هنا مضارع بمعنى الماضي ، وقد ذكر بعض النحويين أن مما يصرف المضارع إلى الماضي قد ، في بعض المواضع ، ومنه : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) (١) ، (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ) (٢) ، (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) (٣). وقال الشاعر :
لعمري لقوم قد نرى أمس فيهم |
|
مرابط للأمهار والعكر الدثر |
قال الزمخشري : قد نرى : ربما نرى ، ومعناه : كثرة الرؤية ، كقوله :
قد أترك القرن مصفرا أنامله
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ / ٦٤.
(٢) سورة الحجر : ١٥ / ٩٧.
(٣) سورة الأحزاب : ٣٣ / ١٨.