السابع : هو الزوجة والمملوكة كما في قوله تعالى : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (١).
الثامن : إن ذاك نهي عن العزل لأنه في الحرائر.
وكتب هنا بمعنى : جعل ، كقوله : (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) (٢) أو بمعنى : قضى ، أو بمعنى : أثبت في اللوح المحفوظ ، أو : في القرآن.
والظاهر أن هذه الجملة تأكيد لما قبلها ، والمعنى ، والله أعلم : ابتغوا وافعلوا ما أذن الله لكم في فعله من غشيان النساء في جميع ليلة الصيام ، ويرجح هذا قراءة الأعمش : وأتوا ما كتب الله لكم. وهي قراءة شاذة لمخالفتها سواد المصحف.
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) أمر إباحة أيضا ، أبيح لهم ثلاثة الأشياء التي كانت محرمة عليهم في بعض ليلة الصيام (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) غاية الثلاثة الأشياء من : الجماع ، والأكل ، والشرب. وقد تقدم في سبب النزول قصة صرمة بن قيس ، فإحلال الجماع بسبب عمر وغيره ، وإحلال الأكل بسبب صرمة أو غيره (لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) ظاهره أنه الخيط المعهود ، ولذلك كان جماعة من الصحابة إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله خيطا أبيض وخيطا أسود ، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبينا له ، إلى أن نزل قوله تعالى : (مِنَ الْفَجْرِ) فعلموا أنما عنى بذلك من الليل والنهار.
روى ذلك سهل بن سعد في نزول هذه الآية ، وروى أنه كان بين نزول : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) وبين نزول (مِنَ الْفَجْرِ) سنة من رمضان إلى رمضان.
قال الزمخشري : ومن لا يجوّز تأخير البيان ـ وهم أكثر الفقهاء والمتكلمين ـ وهو مذهب أبي علي وأبي هاشم ، فلم يصح عندهم هذا الحديث لمعنى حديث سهل بن سعد وأما من يجوّزه فيقول : ليس بعبث ، لأن المخاطب يستفيد منه وجوب الخطاب ، ويعزم على فعله إذا استوضح المراد به. انتهى كلامه. وليس هذا عندي من تأخير البيان إلى وقت الحاجة ، بل هو من باب النسخ ، ألا ترى أن الصحابة عملت به ، أعني بإجراء اللفظ على ظاهره إلى أن نزلت : (مِنَ الْفَجْرِ) ، فنسخ حمل الخيط الأبيض والخيط الأسود على
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٦ ، وسورة المعارج : ٧٠ / ٣٠.
(٢) سورة المجادلة : ٥٨ / ٢٢.