المسلمين النبي صلىاللهعليهوسلم عن الهلال ، وما فائدة محاقه وكماله ومخالفته لحال الشمس ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والربيع ، وغيرهم. وروي أن من سأل هو معاذ بن جبل ، وثعلبة بن غنم الأنصاري ، قالا : يا رسول الله. ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلىء ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ لا يكون على حالة واحدة؟ فنزلت.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة ، وهو أن ما قبلها من الآيات نزلت في الصيام ، وأن صيام رمضان مقرون برؤية الهلال ، وكذلك الإفطار في شهر شوال ، ولذلك قال صلىاللهعليهوسلم : «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».
وكان أيضا قد تقدّم كلام في شيء من أعمال الحج ، وهو : الطواف ، والحج أحد الأركان التي بني الإسلام عليها.
وكان قد مضى الكلام في توحيد الله تعالى ، وفي الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، فأتى بالكلام على الركن الخامس وهو : الحج ، ليكون قد كملت الأركان التي بني الإسلام عليها. وروي عن ابن عباس أنه قال : ما كان أمة أقل سؤالا من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم سألوا عن أربعة عشر حرفا فأجيبوا منها في سورة البقرة أولها (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) (١) والثاني : هذا ، وستة بعدها ، وفي غيرها : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) (٢) (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) (٣) (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) (٤) (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) (٥) (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ) (٦) (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) (٧) قيل : اثنان من هذه الأسئلة في الأول في شرح في شرح المبدأ ، واثنان في الآخر في شرح المعاد ، ونظيره أنه افتتحت سورتان ب (يا أَيُّهَا النَّاسُ) (٨) الأولى وهي الرابعة من السور في النصف الأول ، تشتمل على شرح المبدأ ، والثانية وهي الرابعة أيضا من السور في النصف الآخر تشتمل على شرح المعاد.
والضمير في يسألونك ضمير جمع على أن السائلين جماعة ، وإن كان من سأل اثنين ، كما روي ، فيحتمل أن يكون من نسبة الشيء إلى جمع وإن كان ما صدر إلّا من واحد منهم أو اثنين ، وهذا كثير في كلامهم ، قيل : أو لكون الإثنين جمعا على سبيل الاتساع والمجاز.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٨٦.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٤.
(٣) سورة الأنفال : ٨ / ١.
(٤) سورة الإسراء : ١٧ / ٨٥.
(٥) سورة الكهف : ١٨ / ٨٣.
(٦) سورة طه : ٢٠ / ١٠٥.
(٧) سورة النازعات : ٧٩ / ٤٢.
(٨) سورة النساء : ٤ / ١ ، وسورة الحج : ٢٢ / ١.