حنيفة ، ومالك ، وأصحابهم إلى أنه لا ينفعه الاشتراط. وقال أحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، والشافعي : في القديم لا بأس أن يشترط ، وله شروط ، فيه حديث خرج في الصحيح : ولا قضاء عليه عند الجميع إلّا من كان لم يحج ، فعليه حجة الإسلام ، وشذ ابن الماجشون فقال : ليس عليه حجة الإسلام ، وقد قضاها حين أحصر.
وما ، من قوله : (فَمَا اسْتَيْسَرَ) موصولة ، وهي مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : فعليه ما استيسر ، قاله الأخفش ، أو : في موضع نصب : فليهد قاله أحمد بن يحيى ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : فالواجب له استيسر ، واستيسر هو بمعنى الفعل المجرد ، أي : يسر ، بمعنى : استغنى وغني ، واستصعب وصعب ، وهو أحد المعاني التي جاءت لها استفعل.
ومن ، هنا تبعيضية ، وهي في موضع الحال من الضمير المستكن في استيسر العائد على ما ، فيتعلق بمحذوف التقدير : كائنا من الهدي ، ومن أجاز أن يكون : من ، لبيان الجنس ، أجاز ذلك هنا. والألف واللام في : الهدي ، للعموم.
وقرأ مجاهد ، والزهري ، وابن هرمز ، وأبو حيوة : الهدي ، بكسر الدال وتشديد الياء في الموضعين ، يعني هنا في الجر والرفع ، وروى ذلك عصمة عن عاصم.
(وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) هذا نهي عن حلق الرأس مغيّا ببلوغ الهدي محله ، ومفهومه : إذا بلغ الهدي محله فاحلقوا رؤوسكم. والضمير في : تحلقوا ، يحتمل أن يعود على المخاطبين بالإتمام ، فيشمل المحصر وغيره ، ويحتمل أن يعود على المحصرين ، وكلا الاحتمالين قال به قوم ، وأن يكون خطابا للمحصرين هو قول الزمخشري ، قال : أي : لا تحلوا حتى تعلموا أن الهدي الذي بعثتموه إلى الحرم بلغ محله ، أي : مكانه الذي يجب نحره فيه ، ومحل الدين وقت وجوب قضائه ، وهو على ظاهر مذهب أبي حنيفة. انتهى كلامه.
وكأنه رجح كونه للمحصرين ، لأنه أقرب مذكور ، وظاهر قول ابن عطية أنه يختار أن يكون الخطاب لجميع الأمة محصرا كان المحرم أو مخلىّ ، لأنه قدم هذا القول ، ثم حكى القول الآخر ، قال : ومن العلماء من يراها للمحصرين خاصة في قوله : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) مجاز في الفاعل وفي المفعول ، أما في الفاعل ففي إسناد الحلق إلى الجميع ، وإنما يحلق بعضهم رأس بعض ، وهو مجاز شائع كثير ، تقول : حلقت : رأسي ، والمعنى