(فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) الرفث هنا قال ابن عباس ، وابن جبير ، وقتادة ، والحسن ، وعكرمة ، ومجاهد ، والزهري ، والسدي : هو الجماع ؛ وقال ابن عمر ، وطاووس ، وعطاء ، وغيرهم : هو الإفحاش للمرأة بالكلام ، كقوله : إذا أحللنا فعلنا بك كذا ، لا يكني ، وقال قوم : الإفحاش بذكر النساء ، كان ذلك بحضرتهن أم لا ؛ وقال قوم : الرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من أهله ، وقال أبو عبيدة : هو اللغو من الكلام ، وقال ابن الزبير : هو التعرض بمعانقة ومواعدة أو مداعبة أو غمز.
وملخص هذه الأقوال أنها دائرة بين شيء يفسده وهو الجماع ، أو شيء لا يليق لمن كان ملتبسا بالحج لحرمة الحج.
والفسوق : فسر هذا بفعل ما نهى عنه في الإحرام من قتل صيد ، وحلق شعر ، والمعاصي كلها لا يختص منها شيء دون شيء قاله ابن عباس ، وعطاء ، والحسن ، ومجاهد ، وطاووس. أو الذبح للأصنام ومنه : (أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) (١) قاله ابن زيد ، ومالك ، أو التنابذ بالألقاب قال : (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ) (٢) قاله الضحاك ، أو السباب منه : «سباب المسلم فسوق». قاله ابن عمر أيضا ، ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم ، والسدي ، ورجح محمد بن جرير أنه ما نهي عنه الحاج في إحرامه لقوله : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ).
وقد علم أن جميع المعاصي محرم على كل أحد من محرم وغيره ، وكذلك التنابذ ، ورجح ابن عطية ، والقرطبي المفسر وغيرهما قول من قال : إنه جميع المعاصي لعمومه جميع الأقوال والأفعال ، ولأنه قول الأكثر من الصحابة والتابعين ، ولأنه روي : «والذي نفسي بيده ، ما بين السماء والأرض عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله ، أو حجة مبرورة لا رفث فيها ولا فسوق ولا جدال».
وقال العلماء : الحج المبرور هو الذي لم يعص الله في أثناء أدائه ؛ وقال الفراء : هو الذي لم يعص الله بعده.
والجدال : هنا مماراة المسلم حتى يغضب ، فأما في مذاكرة العلم فلا نهي عنها ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد. أو السباب ، قاله ابن عمر ، وقتادة. أو :
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ١٤٥.
(٢) سورة الحجرات : ٤٩ / ١١.