والتعريف الذي يصنعه الناس في المساجد ، تشبيها بأهل عرفة ، غير مشروع ، فقال بعض أهل العلم : هو ليس بشيء ، وأول من عرّف ابن عباس بالبصر ، وعرف أيضا عمرو بن حريث ، وقال أحمد : أرجو أن لا يكون به بأس ، وقد فعله غير واحد : الحسن ، وبكر ، وثابت ، ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة.
وأما الصوم يوم عرفة للواقفين بها ، فقال يحيى بن سعيد الأنصاري : يجب عليهم الفطر ، وأجازه بعضهم ، وصامه عثمان بن القاضي ، وابن الزبير ، وعائشة. وقال عطاء : أصومه في الشتاء ولا أصومه في الصيف ، والجمهور على أن ترك الصوم أولى ، اتباعا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) الفاء جواب إذا ، والذكر هنا الدعاء والتضرع والثناء ، أو صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة ، أو الدعاء. وهذه الصلاة أقوال ثلاثة يبني عليها أهل الأمر : أمر ندب ، أم أمر وجوب؟ وإذا كان الذكر هو الصلاة فلا دلالة فيه على الجمع بين الصلاتين ، فيصير الأمر بالذكر بالنسبة إلى الجمع بين الصلاتين مجملا ببينة فعله صلىاللهعليهوسلم ، وهو سنة بالمزدلفة. ولو صلى المغرب قبل أن يأتي المزدلفة ، فقال أبو حنيفة ، ومحمد : لا يجزئه ، وقال عطاء ، وعروة ، والقاسم ، وابن جبير ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور : ليس الجمع شرطا للصحة.
ومن له عذر عن الإفاضة ممن وقف مع الإمام صلى كل صلاة لوقتها ، قاله ابن المواز.
وقال مالك : يجمع بينهما إذا غاب الشفق ، وقال ابن القاسم : إن رجا أن يأتي المزدلفة ثلث الليل ، فليؤخر الصلاتين حتى يأتيها ، وإلّا صلى كل صلاة لوقتها.
وهل يصليهما باقامتين دون أذان؟ أو بأذان واحد للمغرب وإقامتين؟ أو بأذانين وإقامتين؟ أو بأذان وإقامة للأولى ، وبلا أذان ولا إقامة للثانية؟ أقوال أربعة.
الأول : قول سالم ، والقاسم ، والشافعي ، وإسحاق ، وأحمد في أحد قوليه.
والثاني : قول زفر ، والطحاوي ، وابن حزم ، وروي عن أبي حنيفة.
والثالث : قول مالك.
والرابع : قول أبي حنيفة ، والسنة أن لا يتطوع الجامع بينهما.