قال : أما جوازه في العربية فذكره سيبويه ، وأما كون جوازه مقروءا به فلا أحفظه. انتهى كلامه.
فقوله : أما جوازه في العربية فذكره سيبويه ، ظاهر كلام ابن عطية أن ذلك جائز مطلقا ، ولم يجزه سيبويه إلّا في الشعر ، وأجازه الفرّاء في الكلام. وأما قوله : وأما جوازه مقروءا به فلا أحفظه ، فكونه لا يحفظه قد حفظه غيره.
قال أبو العباس المهدوي : أفاض الناسي بسعيد بن جبير ، وعنه أيضا : الناس بالكسر من غير ياء. انتهى قول أبي العباس المهدوي.
(وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) أمرهم بالاستغفار في مواطن مظنة القبول ، وأماكن الرحمة ، وهو طلب الغفران من الله باللسان مع التوبة بالقلب ، إذ الاستغفار باللسان دون التوبة بالقلب غير نافع ، وأمروا بالاستغفار ، وإن كان فيهم من لم يذنب ، كمن بلغ قبيل الإحرام ولم يقارف ذنبا وأحرم ، فيكون الاستغفار من مثل هذا لأجل أنه ربما صدر منه تقصير في أداء الواجبات والاحتراز من المحظورات ، وظاهر هذا الأمر أنه ليس طلب غفران من ذنب خاص ، بل طلب غفران الذنوب ، وقيل : إنه أمر بطلب غفران خاص ، والتقدير : واستغفروا الله مما كان من مخالفتكم في الوقوف والإفاضة ، فإنه غفور لكم ، رحيم فيما فرطتم فيه في حلكم وإحرامكم ، وفي سفركم ومقامكم. وفي الأمر بالاستغفار عقب الإفاضة ، أو معها ، دليل على أن ذلك الوقت ، وذلك المكان المفاض منه ، والمذهوب إليه من أزمان الإجابة وأماكنها ، والرحمة والمغفرة.
وقد روي أنه صلىاللهعليهوسلم خطب عشية عرفة فقال : «أيها الناس! إن الله تعالى تطاول عليكم في مقامكم ، فقبل من محسنكم ووهب مسيئكم لمحسنكم ، إلّا التبعات فيما بينكم ، فامضوا على اسم الله» فلما كان غداة جمع خطب فقال : «أيها الناس! إن الله قد تطاول عليكم ، فعوّض التبعات من عنده».
وأخرج أبو عمرو بن عبد البر في (التمهيد) ثلاثة أحاديث تدل على أن الله تعالى يباهي بحجاج بيته ملائكته ، وأنه يغفر لهم ما سلف من ذنوبهم ، وأنه ضمن عنهم التبعات.
و : استغفر ، يتعدى لاثنين ، الثاني منهما بحرف الجر ، وهو من : فعول ، استغفرت الله من الذنب ، وهو الأصل ، ويجوز أن تحذف : من ، كما قال الشاعر :
أستغفر الله ذنبا لست محصيه |
|
رب العباد إليه الوجه والعمل |