ضمنها جميع أحوال العباد منذ خلقوا إلى يوم التناد ، ومن هذا اليوم إلى الفصل بين العباد.
والثاني : الاختصاص بقوله : (وَإِلَى اللهِ) فاختص بذلك اليوم لانفراده فيه بالتصرف والحكم والملك. انتهى.
وقال السلمي : وقضي الأمر وصلوا إلى ما قضي لهم في الأزل من إحدى المنزلتين.
وقال جعفر : كشف عن حقيقة الأمر ونهيه.
وقال القشيري : انهتك ستر الغيب عن صريح التقدير.
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، قال الزمخشري : أو لكل أحد.
وقرأ أبو عمرو ، في رواية ابن عباس : أسأل. وقرأ قوم : اسل ، وأصله اسأل ، فنقل حركة الهمزة إلى السين وحذف الهمزة التي هي عين ، ولم تحذف همزة الوصل لأنه لم يعتد بحركة السين لعروضها ، كما قالوا : الحمر في الأحمر. وقرأ الجمهور : سل ، فيحتمل وجهين : أحدهما : أن أصله اسأل ، فلما نقل وحذف اعتدّ بالحركة ، فحذف الهمزة لتحرك ما بعدها ، والوجه الآخر : أنه جاء على لغة من يجعل المادّة من : سين ، وواو ، ولام ، فيقول : سأل يسأل ، فقال : سل ، كما قال : خف ، فلا يحتاج في مثل هذا إلى همزة وصل ، وانحذفت عين الكلمة لالتقائها ساكنة مع اللام الساكنة ، ولذلك تعود إذا تحركت الفاء نحو : خافا وخافوا وخافي.
ولما تقدّم : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ) وكان المعنى في ذلك استبطاء حق لهم في الإسلام ، وأنهم لا ينتظرون إلّا آية عظيمة تلجئهم إلى الدخول في الإسلام ، جاء هذا الأمر بسؤالهم عما جاءتهم من الآيات العظيمة ، ولم تنفعهم تلك الآيات ، فعدم إسلامهم مرتب على عنادهم واستصحاب لجاجهم ، وهذا السؤال ليس سؤالا عما لا يعلم ، إذ هو عالم أن بني إسرائيل آتاهم الله آيات بينات ، وإنما هو سؤال عن معلوم ، فهو تقريع وتوبيخ ، وتقرير لهم على ما آتاهم الله من الآيات البينات ، وأنها ما أجدت عندهم لقوله بعد : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ).
وفي هذا السؤال أيضا تثبيت وزيادة ، كما قال تعالى : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) (١) أو : زيادة يقين المؤمن ، فالخطاب في اللفظ له صلىاللهعليهوسلم ، والمراد :
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ١٢٠.