المحاسبة في الآخرة ، أي : رزقا لا يقع عليه حساب في الآخرة ، وتكون على هذا الباء زائدة.
وإذا كان للفاعل كان في موضع الحال : المعنى يرزق الله غير محاسب عليه ، أي متفضلا في إعطائه لا يحاسب عليه ، أو غير عاد عليه ما يعطيه ، ويكون ذلك مجازا عن التقتير والتضييق ، فيكون : حساب مصدرا عبر به عن اسم الفاعل من : حاسب ، أو عن اسم الفاعل من : حسب ، وتكون الباء زائدة في الحال ، وقد قيل : إن الباء زيدت في الحال المنفية ، وهذه الحال لم يتقدمها نفي ، ومما قيل : إنها زيدت في الحال المنفية قول الشاعر :
فما رجعت بخائبة ركاب |
|
حكيم بن المسيب منتهاها |
أي : فما رجعت خائبة ، ويحتمل في هذا الوجه أن يكون حساب مصدرا عبر به عن اسم المفعول ، أي : غير محاسب على ما يعطي تعالى ، أي : لا أحد يحاسب الله تعالى على ما منح ، فعطاؤه غمرا لا نهاية له.
وإذا كان : لمن ، وهو المفعول الأول ليرزق ، فالمعنى : إن المرزوق غير محاسب على ما يرزقه الله تعالى ، فيكون أيضا حالا منه ، ويقع الحساب الذي هو المصدر على المفعول الذي هو محاسب من حاسب ، أو المفعول من حسب ، أي : غير معدود عليه ما رزق ، أو على حذف مضاف أي : غير ذي حساب ، ويعني بالحساب : المحاسبة أو العد ، والباء زائدة في هذه الحال أيضا. ويحتمل في هذا الوجه أن يكون المعنى : أنه يرزق من حيث لا يحتسب ، أي : من حيث لا يظن ، ولا يقدر أن يأتيه الرزق ، كما قال : (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (١) فيكون حالا أيضا أي : غير محتسب ، وهذه الأوجه كلها متكلفة ، وفيها زيادة الباء.
والأولى أن تكون الباء للمصاحبة ، وهي التي يعبر عنها بباء الحال ، وعلى هذا يصلح أن تكون : للمصدر ، وللفاعل ، وللمفعول ، ويكون الحساب مرادا به المحاسبة ، أو العد ، أي : يرزق من يشاء ولا حساب على الرزق ، أو : ولا حساب للرازق ، أو ولا حساب على المرزوق.
__________________
(١) سورة الطلاق : ٦٥ / ٣.