عوده على الله تعالى قراءة الجحدري فيما ذكر مكي لنحكم ، بالنون ، وهو متعين عوده على الله تعالى ، ويكون ذلك التفاتا إذ خرج من ضمير الغائب في : أنزل ، إلى ضمير المتكلم ، وظن ابن عطية هذه القراءة تصحيفا قال ، ما معناه لأن مكيا لم يحك عن الجحدري قراءته التي نقل الناس عنه ، وهي : ليحكم ، على بناء الفعل للمفعول ، ونقل مكي لنحكم بالنون.
وفي القراءة التي نقل الناس من قوله : وليحكم ، حذف الفاعل للعلم به ، والأولى أن يكون الله تعالى.
قالوا : ويحتمل أن يكون الكتاب أو النبيون. وهي ظرف مكان ، وهو هنا مجاز ، وانتصابه بقوله : ليحكم ، وفيما ، متعلق به أيضا ، و : فيه ، الدين الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق ..
قيل ويحتمل أن يكون الذي اختلفوا فيه محمد ، صلىاللهعليهوسلم ، أو دينه ، أو : هما ، أو : كتابه.
(وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) الضمير من قوله : وما اختلف فيه ، يعود على ما عاد عليه في : فيه ، الأولى ، وقد تقدّم أنها عائدة على : ما ، وشرح ما المعنى : بما ، أهو الذين ، أو محمد صلىاللهعليهوسلم؟ أم دينه؟ أم هما؟ أم كتابه؟
والضمير في : أوتوه ، عائد إذ ذاك على ما عاد عليه الضمير في : فيه ، وقيل : الضمير في : فيه ، عائد على الكتاب ، وأوتوه عائد أيضا على الكتاب ، التقدير : وما اختلف في الكتاب إلّا الذين أوتوه ، أي : أوتوا الكتاب.
وقال الزجاج : الضمير في : فيه ، الثانية يجوز أن يعود على النبي صلىاللهعليهوسلم ، أي : وما اختلف في النبي صلىاللهعليهوسلم إلّا الذين أوتوه ، أي : أوتوا علم نبوّته ، فعلوا ذلك للبغي ، وعلى هذا يكون الكتاب : التوراة ، والذين أوتوه اليهود.
وقيل : الضمير في : فيه ، عائد على ما اختلفوا فيه من حكم التوراة والقبلة وغيرهما ، وقيل : يعود الضمير في : فيه ، على عيسى صلى الله على نبينا وعليه.
وقال مقاتل : الضمير عائد على الدين ، أي : وما اختلف في الدين. انتهى.
والذي يظهر من سياق الكلام وحسن التركيب أن الضمائر كلها في : أوتوه وفيه الأولى والثانية ، يعود على : ما ، الموصولة في قوله : وما اختلفوا فيه ، وأن الذين اختلفوا فيه