الشريف الذي هو الإيمان ، ولم يأت ، حتى يقول الرسول وهم ، وهذا يدل على حذف ذلك الموصوف الذي قدرناه قبل مثل محنة المؤمنين الذين خلوا.
قال ابن عطية : وأكثر المتأولين على أن الكلام إلى آخر الآية من قول الرسول ، والمؤمنين ، ويكون ذلك من قول الرسول على طلب استعجال النصر ، لا على شك ولا ارتياب ، والرسول اسم الجنس ، وذكره الله تعظيما للنازلة التي دعت الرسول إلى هذا القول. انتهى كلامه.
واللائق بأحوال الرسل هو القول الذي ذكرنا أنه يقتضيه النظر ، والرسول كما ذكر ابن عطية اسم الجنس لا واحد بعينه ، وقيل : هو اليسع ، وقيل : هو شعيبا ، وعلى هذا يكون الذين خلوا قوما بأعيانهم ، وهم أتباع هؤلاء الرسل.
وحكى بعض المفسرين أن الرسول هنا هو محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأن : الزلزلة ، هنا مضافة لأمته ، ولا يدل على ما ذكر سياق الكلام ، وعلى هذا القول قال بعضهم ، وفي هذا الكلام إجمال ، وتفصيله أن أتباع محمد صلىاللهعليهوسلم قالوا : متى نصر الله؟ فقال الرسول : ألا إن نصر الله قريب.
فتلخص من هذه النقول أن مجموع الجملتين من كلام الرسول والمؤمنين على سبيل التفصيل ، أو على سبيل أن : الرسول والمؤمنون قال كل منهما الجملتين ، فكأنهم قالوا : قد صبرنا ثقة بوعدك ، أو : على أن الجملة الأولى من كلام الرسول والمؤمنين ، والثانية من كلام الله تعالى.
ولما كان السؤال بمتى يشير إلى استعلام القرب ، تضمن الجواب القرب ، وظاهر هذا الإخبار أن قرب النصر هو : ينصرون في الدنيا على أعدائهم ويظفرون بهم ، كقوله تعالى : (جاءَهُمْ نَصْرُنا) (١) و (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) (٢).
وقال ابن عباس : النصر في الآخرة لأن المؤمن لا ينفك عن الابتلاء ، ومتى انقضى حرب جاءه آخر ، فلا يزال في جهاد العدو ، والأمر بالمعروف ، وجهاد النفس إلى الموت.
وفي وصف أحوال هؤلاء الذين خلوا ما يدل على أنا يجري لنا ما جرى لهم ، فنتأسى بهم ، وننتظر الفرج من الله والنصر ، فإنهم أجيبوا لذلك قريبا.
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ١١.
(٢) سورة النصر : ١١٠ / ١.