خطأ ، لأن كلا من القراءتين كلام الله تعالى ، فلا يجوز تفضيل شيء منه على شيء من قبل أنفسنا ، إذ كله كلام الله تعالى.
(وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) في مصحف عبد الله وقراءته : أكثر ، بالثاء كما في مصحفه : كثير ، بالثاء المثلثة فيهما.
قال الزمخشري : وعقاب الإثم في تعاطيهما أكبر من نفعهما ، وهو الالتذاذ بشرب الخمر ، والقمار ، والطرب فيهما ، والتوصل بهما إلى مصادقات الفتيان ومعاشراتهم ، والنيل من مطاعمهم ومشاربهم وأعطياتهم ، وسلب الأموال بالقمار ، والافتخار على الأبرام ؛ وفي قراءة أبي : وإثمهما أقرب ، ومعنى الكثرة أن : أصحاب الشرب والقمار يقترفون فيهما الآثام من وجوه كثيرة. انتهى كلام الزمخشري.
وقال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، ومقاتل : إثمهما بعد التحريم أكبر من نفعهما قبل التحريم ، وقيل : أكبر ، لأن عقابه باق مستمر والمنافع زائلة ، والباقي أكبر من الفاني.
(وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) تقدّم هذا السؤال وأجيبوا هنا بذكر الكمية والمقدار ، والسائل في هذه الآية ، قيل : هو عمرو بن الجموح ، وقيل : المؤمنون وهو الظاهر من واو الجمع.
والنفقة هنا قيل : في الجهاد ، وقيل : في الصدقات ، والقائلون في الصدقات ، قيل : في التطوع وهو قول الجمهور ، وقيل : في الواجب ، والقائلون في الواجب ، قيل : هي الزكاة المفروضة ، وجاء ذكرها هنا مجملا ، وفصلتها السنة. وقيل كان واجبا عليهم قبل فرض الزكاة أن ينفقوا ما فضل من مكاسبهم عن ما يكفيهم في عامهم ، ثم نسخ ذلك بآية الزكاة.
والعفو : ما فضل عن الأهل والمال ، قاله ابن عباس ، أو اليسير السهل الذي لا يجحف بالمال قاله طاووس ، أو الوسط الذي لا سرف فيه ولا تقصير ، قاله الحسن ، أو : الطيب الأفضل ، قاله الربيع ، أو : الكثير ، من قوله (حَتَّى عَفَوْا) (١) أي : كثروا ، قال الشاعر :
ولكنا يعض السيف منها |
|
بأسوق عافيات اللحم كوم |
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ٩٥.