أو : الصفو ، يقال ؛ أتاك عفوا ، أي : صفوا بلا كدر ، قال الشاعر :
خذي العفو مني تستديمي مودتي |
|
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب |
أو : ما فضل عن ألف درهم ، أو : قيمة ذلك من الذهب ، وكان ذلك فرض عليهم قبل فرض الزكاة ، قاله ، قتادة. أو : ما فضل عن الثلث ، أو : عن ما يقوتهم حولا لذوي الزراعة ، وشهرا لذوي الفلات ، أو : عن ما يقوته يومه للعامل بهذه ، وكانوا مأمورين بذلك ، فشق عليهم ، ففرضت الزكاة ، أو : الصدقة المفروضة ، قاله مجاهد ، و : ما لا يستنفد المال ويبقى صاحبه يسأل الناس ، قاله الحسن أيضا.
وقد روي في حديث الذي جاء يتصدّق ببيضة من ذهب ، حدف رسول الله صلىاللهعليهوسلم إياه بها ، وقوله : «يجيء أحدكم بماله كله يتصدّق به ويقعد يتكفف الناس ، إنما الصدقة على ظهر غنى». وفي حديث سعد : «لأن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس».
وقال الزمخشري : العفو نقيض الجهد ، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد ، واستفراغ الوسع ؛ وقال ابن عطية : المعنى : أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ولم تؤدوا فيه أنفسكم فتكونوا عالة ؛ وقال الراغب : العفو متناول لما هو واجب ولما هو تبرع ، وهو الفضل عن الغنى ، وقال الماتريدي : الفضل عن القوت.
وقرأ الجمهور : العفو ، بالنصب وهو منصوب بفعل مضمر تقديره : قل ينفقون العفو ، وعلى هذا الأولى في قوله : ماذا ينفقون؟ أن يكون ماذا في موضع نصب ينفقون ، ويكون كلها استفهامية ، التقدير : أي شيء ينفقون؟ فاجيبوا بالنصب ليطابق الجواب السؤال.
ويجوز أن تكون ما استفهامية في موضع رفع بالابتداء ، وذا موصولة بمعنى الذي ، وهي خبره ، ولا يكون إذ ذاك الجواب مطابقا للسؤال من حيث اللفظ ، بل من حيث المعنى ، ويكون العائد على الموصول محذوفا لوجود شرط الحذف فيه ، تقديره : ما الذي ينفقونه؟.
وقرأ أبو عمرو : قل العفو ، بالرفع ، والأولى إذ ذاك أن تكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : قل المنفق العفو ، وأن يكون : ما ، في موضع رفع بالإبتداء ، و : ذا ، موصول ، كما قررناه ليطابق الجواب السؤال ، ويجوز أن يكون ماذا كله استفهاما منصوبا بينفقون ، وتكون المطابقة من حيث المعنى لا من جهة اللفظ ، واختلف عن ابن كثير في العفو ، فروي عنه النصب كالجمهور ، والرفع كأبي عمرو.