العقد. ولا يتعين ما قاله ، إذ يجوز أن لا يدل على أن تتقدم الزوجية بجعل تسميته زوجا بما تؤول إليه حاله ، فيكون التقدير : حتى يعقد على من يكون زوجا. وقال في (المنتخب) أيضا : أما قول من يقول : الآية لا تدل على الوطء ، وإنما ثبت بالسنة فضعيف ، لأن الآية تقتضي نفي الحل ممدودا إلى غاية ، وما كان غاية للشيء يجب انتهاء الحكم عند ثبوته ، فيلزم انتفاء الحرمة عند حصول النكاح ، فلو كان النكاح عبارة عن العقد لكانت الآية دالة على وجوب انتهاء هذه الحرمة عند حصول العقد ، فكان رفعها بالخبر نسخا للقرآن بخبر الواحد ، وأنه غير جائز ، أما إذا حملنا النكاح على الوطء ، وحملنا قوله زوجا على العقد ، لم يلزم هذا الإشكال. انتهى.
ولا يلزم ما ذكره من هذا الإشكال وهو أنه يلزم من ذلك نسخ القرآن بخبر الواحد ، لأن القائل يقول : لم يجعل نفي الحل منتهيا ، إلى هذه الغاية التي هي نكاحها زوجا غيره فقط. وإن كان الظاهر في الآية ذلك ، بل ثم معطوفات ، قبل الغاية المذكورة في الآية وما بعدها ، يدل على إرادتها ، وهي غايات أيضا ، والتقدير : فلا تحل له من بعد ، أي : من بعد الطلاق الثلاث حتى تنقضي عدّتها منه ، وتعقد على زوج غيره ، ويدخل بها ، ويطلقها ، وتنقضي عدتها منه ، فحينئذ تحل للزوج المطلق ثلاثا أن يتراجعا ، فقد صارت الآية من باب ما يحتاج بيان الحل فيه إلى تقدير هذه المحذوفات وتبيينها ، ودل على إرادتها الكتاب والسنة الثابتة ، وإذا كانت كذلك ، وبين هذه المحذوفات الكتاب والسنة ، فليس ذلك من باب نسخ القرآن بخبر الواحد ، ألا ترى أنه يلزم أيضا من حمل النكاح هنا على الوطء أن يضمر قبله : حتى تعقد على زوج ويطأها؟ فلا فرق في الإضمار بين أن يكون مقدما على الغاية المذكورة المراد به الوطء ، أو يكون مؤخرا عنها إذا أريد به العقد ، فهذا إضمار يدل عليه الكتاب والسنة ، فليس من باب النسخ في شيء.
(فَإِنْ طَلَّقَها) قيل : الضمير عائد على : زوج ، النكرة ، وهو الثاني ، وأتى بلفظ : إن ، دون إذا تنبيها على أن طلاقه يجب أن يكون على ما يخطر له دون الشرط. انتهى. ومعناه أن : إذا ، إنما تأتي للمتحقق ، وإن تأتي للمبهم والمجوز وقوعه وعدم وقوعه ، أو للمحقق المبهم زمان وقوعه ، كقوله تعالى : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (١) والمعنى : فإن طلقها وانقضت عدتها منه (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي : على الزوج المطلق الثلاث وهذه
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٣٤.