قراءة الجمهور : بشيء ، فلا بد من تقدير حذف أي شيء من الخوف ، وشيء من الجوع ، وشيء من نقص. والمعنى في هذه القراءة : ولنبلونكم بطرف من كذا وكذا. والخوف : خوف العدو ، قاله ابن عباس ، وقد حصل الخوف الشديد في وقعة الأحزاب. وقال الشافعي : هو خوف الله تعالى. والجوع : القحط ، قاله ابن عباس ، عبر بالمسبب عن السبب. وقيل : الجوع : الفقر ، عبر بالمسبب عن السبب أيضا. وقال الشافعي : هو صيام شهر رمضان. ونقص من الأموال : بالخسران والهلاك. وقال الشافعي : بالصدقات. والأنفس : بالقتل والموت. وقال الشافعي : بالأمراض ، وقيل : بالشيب. والثمرات : يعني الجوائح في الثمرات ، وقلة النبات ، وانقطاع البركات. وقال القفال : قد يكون نقصها بالجدوب ، وقد يكون بترك عمارة الضياع للاشتغال بالجهاد ، وقد يكون بالإنفاق على من يرد من الوفود على رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقيل : بظهور العدوّ عليهم. وقال الشافعي : والثمرات : موت الأولاد ، لأن ولد الرجل ثمرة قلبه. وفي حديث أبي موسى ، أن الله يقول للملائكة إذا مات ولد العبد : أقبضتم ثمرة فؤاده؟.
وقال بعض العلماء : المراد في هذه الآية : مؤن الجهاد وكلفه ، فالخوف من العدوّ ، والجوع به وبالأسفار إليه ، ونقص الأموال بالنفقات فيه ، والأنفس بالقتل ، والثمرات بإصابة العدوّ لها ، أو الغفلة عنها بسبب الجهاد. انتهى كلامه. وعطف ونقص على قوله : بشيء ، أي : ولنمتحننكم بشيء من الخوف والجوع وبنقص ، ويحسن العطف تنكيرها ، على أنه يحتمل أن يكون معطوفا على الخوف والجوع فيكون تقديره : وشيء من نقص. ومن الأموال : متعلق بنقص ، لأنه مصدر نقص ، وهو يتعدّى إلى واحد ، وقد حذف ، أي : ونقص شيء. ويحتمل أن يكون في موضع الصفة لنقص. وتكون من لابتداء الغاية. ويحتمل أن يكون في موضع الصفة لذلك المحذوف ، أي ونقص شيء من الأموال ، وتكون من إذ ذاك للتبعيض. وقالوا : يجوز أن تكون من عند الأخفش زائدة ، أي ونقص الأموال والأنفس والثمرات. وأتى بالجملة الخبرية مقسما عليها ، تأكيدا لوقوع الابتلاء ، وإسناد الفعل إليه صريح في إضافة أسباب البلايا إليه. وأن هذه المحن من الله تعالى ، ووعده بها المؤمنين يدل على أنها ليست عقوبات ، بل إذا قارنها الصبر أفادت درجة عالية في الدين. وجاء هذا الترتيب في العطف على سبيل الترقي : فأخبر أولا بالابتلاء بشيء من الخوف ، وهو توقع ما يرد من المكروه. ثم انتقل منه إلى الابتلاء بشيء من الجوع ، وهو أشد من الخوف بأي تفسير فسر به من القحط ، أو الفقر ، أو الحاجة إلى الأكل ، إلا على تفسير