يهديهم ويوفقهم لها من حلها ، حتى يخرجوا منها إلى نور اليقين. انتهى. فيكون على هذا القول : آمنوا على حقيقته.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) قال مجاهد ، وعبدة بن أبي لبابة ، نزلت في قوم آمنوا بعيسى ، فلما جاء محمد عليهالسلام كفروا به ، فذلك إخراجهم من النور إلى الظلمات.
وقال الكلبي يخرجونهم من إيمانهم بموسى عليهالسلام واستفتاحهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم إلى كفرهم به ، وقيل : من فطرة الإسلام ، وقيل : من نور الإقرار بالميثاق ، وقيل : من الإقرار باللسان إلى النفاق. وقيل : من نور الثواب في الجنة إلى ظلمة العذاب في النار. وقيل : من نور الحق إلى ظلمة الهوى. وقيل : من نور العقل إلى ظلمة الجهل.
وقال الزمخشري : من نور البينات التي تظهر لهم إلى ظلمات الشك والشبهة.
وقال ابن عطية : لفظ الآية مستغن عن التخصيص ، بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب ، وذلك أن كل من آمن منهم فالله وليه ، أخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، ومن كفر بعد وجود الداعي ، النبي المرسل ، فشيطانه ومغويه كأنه أخرجه من الإيمان ، إذ هو معد ، وأهل للدخول فيه ، وهذا كما تقول لمن منعك الدخول في أمر : أخرجتني يا فلان من هذا الأمر ، وإن كنت لم تدخل فيه البتة. انتهى.
والمراد بالطاغوت : الصنم ، لقوله : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) (١) وقيل : الشياطين والطاغوت اسم جنس.
وقرأ الحسن : الطواغيت بالجمع.
وقد تباين الإخبار في هاتين الجملتين ، فاستفتحت آية المؤمنين باسم الله تعالى ، وأخبر عنه بأنه ولي المؤمنين تشريفا لهم إذ بدىء في جملتهم باسمه تعالى ، ولقربه من قوله : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) واستفتحت آية الكافرين بذكرهم نعيا عليهم ، وتسمية لهم بما صدر منهم من القبيح. ثم أخبر عنهم بأن أولياءهم الطاغوت ، ولم يصدّر الطاغوت استهانة به ، وأنه مما ينبغي أن لا يجعل مقابلا لله تعالى ، ثم عكس الإخبار فيه فابتدأ بقوله : أولياؤهم ، وجعل الطاغوت خبرا. كأن الطاغوت هو مجهول. أعلم المخاطب بأن أولياء
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٦.