الكفار هو الطاغوت ، والأحسن في : يخرجهم ويخرجونهم أن لا يكون له موضع من الإعراب ، لأنه خرج مخرج التفسير للولاية ، وكأنه من حيث إن الله ولي المؤمنين بين وجه الولاية والنصر والتأييد ، بأنها إخراجهم من الظلمات إلى النور ، وكذلك في الكفار.
وجوّزوا أن يكون : يخرجهم ، حالا والعامل فيه : ولي ، وأن يكون خبرا ثانيا ، وجوّزوا أن يكون : يخرجونهم ، حالا والعامل فيه معنى الطاغوت. وهو نظير ما قاله أبو عليّ : من نصب : نزّاعة ، على الحال ، والعامل فيها : لظى ، وسنذكره في موضعه ان شاء الله و : من ، و : إلى ، متعلقان بيخرج.
(أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) تقدّم تفسير هذه الجملة فأغنى عن إعادته.
وذكروا في هذه الآيات أنواعا من الفصاحة وعلم البيان ، منها في آية الكرسي : حسن الافتتاح لأنها افتتحت بأجل أسماء الله تعالى ، وتكرار اسمه في ثمانية عشر موضعا ، وتكرير الصفات ، والقطع للجمل بعضها عن بعض ، ولم يصلها بحرف العطف. والطباق : في قوله (الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) فإن النوم موت وغفلة ، والحي القيوم يناقضه. وفي قوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ) والتشبيه : في قراءة من قرأ (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي كوسع ، فإن كان الكرسي جرما فتشبيه محسوس بمحسوس ، أو معنى فتشبيه معقول بمحسوس.
ومعدول الخطاب في (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) إذا كان المعنى لا تكرهوا على الدين أحدا. والطباق : أيضا في قوله (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) وفي قوله : (آمَنُوا) و (كَفَرُوا) وفي قوله (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) والتكرار : في الإخراج لتباين تعليقهما ، والتأكيد : بالمضمر في قوله : (هُمْ فِيها خالِدُونَ).
وقد تضمنت هذه الآيات الكريمة الإشارة إلى الرسل المذكورين في قوله : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وأخبر تعالى أنه فضل بعضهم على بعض ، فذكر أن (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) وفسر بموسى عليهالسلام ، وبدىء به لتقدّمه في الزمان ، وأخبر أنه (رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) وفسر برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكر ثالثا عيسى بن مريم ، فجاء ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسطا بين هذين النبيين العظيمين ، فكان كواسطة العقد ، ثم ذكر تعالى أن اقتتال المتقدمين بعد مجيء البينات هو صادر عن مشيئته.