إثباتها مع الهمزة المكسورة. وقرأ الباقون بحذف الألف ، وأجمعوا على إثباتها في الوقف ، وإثبات الألف وصلا ووقفا لغة بني تميم ، ولغة غيرهم حذفها في الوصل ، ولا تثبت عند غير بني تميم وصلا إلّا في ضرورة الشعر نحو قوله :
فكيف أنا وانتحالي القوافي |
|
بعد المشيب كفى ذاك عارا |
والأحسن أن تجعل قراءة نافع على لغة بني تميم. لأنه من إجراء الوصل مجرى الوقف على ما تأوّله عليه بعضهم ، قال : وهو ضعيف جدا ، وليس هذا مما يحسن الأخذ به في القرآن. انتهى. فإذا حملنا ذلك على لغة تميم كان فصيحا.
(قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) لما خيل الكافر أنه مشارك لرب إبراهيم في الوصف الذي ذكره إبراهيم ، ورأى إبراهيم من معارضته ما يدل على ضعف فهمه أو مغالطته ، فإنه عارض اللفظ بمثله ، ولم يتدبر اختلاف الوصفين ، ذكر له ما لا يمكن أن يدعيه ، ولا يغالط فيه ، واختلف المفسرون هل ذلك انتقال من دليل إلى دليل؟ أو هو دليل واحد والانتقال فيه من مثال إلى مثال أوضح منه؟ وإلى القول الأول ذهب الزمخشري. قال : وكان الاعتراض عتيدا ، ولكنّ إبراهيم لما سمع جوابه الأحمق لم يحاجه فيه ، ولكن انتقل إلى ما لا يقدر فيه على نحو ذلك الجواب ليبهته أول شيء ، وهذا دليل على جواز الانتقال من حجة إلى حجة. انتهى كلامه.
ومعنى قول الزمخشري : وكان الاعتراض عتيدا : أي من إبراهيم ، لو أراد أن يعترض عليه بأن يقول له : أحي من أمتّ ، فكان يكون في ذلك نصرة الحجة الأولى ، وقد قيل : إنه قال له ذلك ، فانقطع به ، وأردفه إبراهيم بحجة ثانية ، فحاجه من وجهين ، وكان ذلك قصدا لقطع المحاجة ، لا عجزا عن نصرة الحجة الأولى ، وقيل : كان نمروذ يدعي الربوبية ، فلما قال له : (إِبْراهِيمَ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) أي : الذي يفعل ذلك أنا لا من نسبت ذلك إليه ، فلما سمع ابراهيم افتراءه العظيم ، وادعاءه الباطل تمويها وتلبيسا ، اقترح عليه ، فقال : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) فافحم وبان عجزه وظهر كذبه.
وقيل : لما قال : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) قال له النمروذ : وأنت رأيت هذا؟ فلما لم يكن رآه مع علمه أن الله قادر عليه انتقل إلى ما هو واضح عنده وعند غيره ، وقيل : انتقل لأنهم كانوا يعظمون الشمس ، فأشار إلى أنها لله عزوجل مقهورة.