عروشها ، وقيل : في موضع الصفة لقرية ، أي : مر على قرية كائنة على عروشها وهي خاوية.
(قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) قيل : لما خرّب بخت نصر البابلي بيت المقدس ، حين أحدثت بنو إسرائيل الأحداث ، وقف أرمياء ، أو عزير ، على القرية وهي كالتل العظيم وسط بيت المقدس ، لأن بخت نصر أمر جنده بنقل التراب إليه حتى جعله كالجبل ، فقال هذا الكلام.
قال الزمخشري : والمارّ كان كافرا بالبعث وهو الظاهر لانتظامه مع نمروذ في سلك ، ولكلمة الاستبعاد التي هي : أنّى يحيي ، وقيل : عزير ، أو : الخضر ، أراد أن يعاين إحياء الموتى ليزداد بصيرة كما طلبه إبراهيم. انتهى.
وقال أبو علي : لا يجوز أن يكون نبيا لأن مثل هذا الشك لا يقع للأنبياء. والإحياء والإماتة هنا مجازان ، عبر بالإحياء عن العمارة ، وبالموت عن الخراب. وقيل : حقيقتان فيكون ثم مضاف محذوف تقديره : أنّى يحيي أهل هذه القرية ، أو يكون هذه إشارة إلى ما دل عليه المعنى من عظام أهلها البالية ، وجثثهم المتمزقة ، وأوصالهم المتفرقة ، فعلى القول بالمجاز يكون قوله : أنّى يحيي على سبيل التلهف من الواقف المعتبر على مدينته التي عهد فيها أهله وأحبته ، وضرب له المثل في نفسه بما هو أعظم مما سأل عنه ، وعلى القول الثاني يكون قوله : أنّى يحيي اعترافا بالعجز عن معرفة طريقة الإحياء واستعظاما لقدرة المحيي ، وليس ذلك على سبيل الشك. وحكى الطبري عن بعضهم أنه قال : كان هذا القول شكا في قدرة الله على الإحياء ، فلذلك ضرب له المثل في نفسه.
(فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) أي أحياه وجعل له الحركة والانتقال. قيل : لما مر سبعون سنة من موته ، وقد منعه من السباع والطير ، ومنع العيون أن تراه ، أرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس عظيم يقال له لوسك ، فقال له : إن الله يأمرك أن تنفر بقومك ؛ فتعمر بيت المقدس وإيلياء وأرضها حتى تعود أحسن ما كانت ، فانتدب الملك قيل ثلاثة آلاف قهرمان مع كل قهرمان ألف عامل ، وجعلوا يعمرونها ، وأهلك الله بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه ، ونجى الله من بقي من بني إسرائيل وردّهم إلى بيت المقدس ونواحيه فعمروها ثلاثين سنة ، وكثروا حتى كانوا كأحسن ما كانوا عليه.
(قالَ كَمْ لَبِثْتَ). الظاهر أن القائل هو الله تعالى لقوله : (كَيْفَ نُنْشِزُها) وقيل :