وينتصب حالا : جاء زيد وعمرو جميعا ، ويؤكد به بمعنى كلهم : جاء القوم جميعهم ، أي كلهم ، ولا يدل على الاجتماع في الزمان ، إنما يدل على الشمول في نسبة الفعل. تبرأ : تفعل ، من قولهم : برئت من الدين. براءة : وهو الخلوص والانفصال والبعد. تقطع : تفعل من القطع ، وهو معروف. الأسباب : جمع سبب ، وهو الوصلة إلى الموضع ، والحاجة من باب ، أو مودة ، أو غير ذلك. قيل : وقد تطلق الأسباب على الحوادث ، قال الشاعر :
ومن هاب أسباب المنية يلقها |
|
ولو رام أسباب السماء بسلم |
وأصل السبب : الحبل ، وقيل : الذي يصعد به ، وقيل : الرابط الموصل. الكرّة : العودة إلى الحالة التي كان فيها ، والفعل كر يكر كرا ، قال الشاعر :
أكر على الكتيبة لا أبالي |
|
أحتفي كان فيها أم سواها |
الحسرة : شدة الندم ، وهو تألم القلب بانحساره عن مأموله ..
(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) ، سبب النزول : أن الأنصار كانوا يحجون لمناة ، وكانت مناة خزفا وحديدا ، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلما جاء الإسلام سألوا ، فأنزلت. وخرّج هذا السبب في الصحيحين وغيرهما. وقد ذكر في التحرّج عن الطواف بينهما أقوال. مناسبة هذه الآية لما قبلها : أن الله تعالى لما أثنى على الصابرين ، وكان الحج من الأعمال الشاقة المفنية للمال والبدن وكان أحد أركان الإسلام ، ناسب ذكره بعد ذلك. والصفا والمروة ، كما ذكرنا ، قيل : علمان لهذين الجبلين ، والأعلام لا يلحظ فيها تذكير اللفظ ولا تأنيثه. ألا ترى إلى قولهم : طلحة وهند؟ وقد نقلوا أن قوما قالوا : ذكّر الصفا ، لأن آدم وقف عليه ، وأنثت المروة ، لأن حوّاء وقفت عليها. وقال الشعبي : كان على الصفا صنم يدعى أسافا ، وعلى المروة صنم يدعى نائلة ، فاطرد ذلك في التذكير والتأنيث ، وقدم المذكر. نقل القولين ابن عطية : ولولا أن ذلك دوّن في كتاب ما ذكرته. ولبعض الصوفية وبعض أهل البيت كلام منقول عنهم في الصفا والمروة ، رغبنا عن ذكره. وليس الجبلان لذاتهما من شعائر الله ، بل ذلك على حذف مضاف ، أي إن طواف الصفا والمروة ، ومعنى من شعائر الله : معالمه. وإذا قلنا : معنى من شعائر الله من مواضع عبادته ، فلا يحتاج إلى حذف مضاف في الأول ، بل يكون ذلك في الجر. ولما كان الطواف بينهما ليس عبادة مستقلة ، إنما يكون عبادة إذا كان بعض حج أو عمرة. بين تعالى ذلك بقوله : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ) ، ومن شرطية. (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ