وقاله مجاهد. وقال الحسن : الورع في دين الله ، وقال الربيع بن أنس : الخشية ، وقال ابن زيد ، وأبوه زيد بن أسلم : العقل في أمر الله. وقال شريك : الفهم. وقال ابن قتيبة : العلم والعمل ، لا يسمى حكيما حتى يجمعهما. وقال مجاهد أيضا : الكتابة. وقال ابن المقفع : ما يشهد العقل بصحته ، وقال القشيري : وقال فيما روى عنه ابن القاسم : التفكر في أمر الله والاتباع له ، وقال أيضا : طاعة الله والفقه والدين والعمل به. وقال عطاء : المغفرة. وقال أبو عثمان : نور يفرق به بين الوسواس والمقام. ووجدت في نسخة : والإلهام بدل المقام. وقال القاسم بن محمد : أن يحكم عليك خاطر الحق دون شهوتك. وقال بندار بن الحسين : سرعة الجواب مع إصابة الصواب. وقال المفضل : الردّ إلى الصواب. وقال الكتاني : ما تسكن إليه الأرواح. وقيل إشارة بلا علة ، وقيل : إشهاد الحق على جميع الأحوال. وقيل : صلاح الدين وإصلاح الدنيا. وقيل : العلم اللدني. وقيل : تجريد السر لورود الإلهام. وقيل : التفكر في الله تعالى ، والاتباع له. وقيل : مجموع ما تقدّم ذكره : فهذه تسع وعشرون مقالة لأهل العلم في تفسير الحكمة.
قال ابن عطية ، وقد ذكر جملة من الأقوال في تفسير الحكمة ما نصه : وهذه الأقوال كلها ، ما عدا قول السدي ، قريب بعضها من بعض ، لأن الحكمة مصدر من الإحكام وهو الإتقان في عمل أو قول ، وكتاب الله حكمة ، وسنة نبيه حكمة ، وكل ما ذكر فهو جزء من الحكمة التي هي الجنس. انتهى كلامه.
وقد تقدّم تفسير الحكمة في قوله : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ) (١) فكان يغني عن إعادة تفسيرها هنا ، إلّا أنه ذكرت هنا أقاويل لم يذكرها المفسرون هناك ، فلذلك فسرت هنا.
(وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) قرأ الجمهور مبنيا للمفعول الذي لم يسم فاعله ، وهو ضمير : من ، وهو المفعول الأول : ليؤت. وقرأ يعقوب : ومن يؤت ، بكسر التاء مبنيا للفاعل. قال الزمخشري : بمعنى ومن يؤته الله. انتهى.
فإن أراد تفسير المعنى فهو صحيح ، وإن أراد تفسير الإعراب فليس كذلك ، ليس في يؤت ضمير نصب حذف ، بل مفعوله مقدّم بفعل الشرط ، كما تقول : أيا تعط درهما أعطه درهما.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٢٩.