الاكتساب (فَلَهُ ما سَلَفَ) أي ما تقدم له أخذه من الربا لا تبعة عليه منه في الدنيا ولا في الآخرة ، وهذا حكم من الله لمن أسلم من كفار قريش وثقيف ، ومن كان يتجر هنالك. وهذا على قول من قال : الآية مخصوصة بالكفار ، ومن قال : إنها عامة فمعناه : فله ما سلف ، قبل التحريم.
(وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) الظاهر أن الضمير في : أمره ، عائد على المنتهي ، إذ سياق الكلام معه ، وهو بمعنى التأنيس له وبسط أمله في الخير ، كما تقول : أمره إلى طاعة وخير ، وموضع رجاء ، والأمر هنا ليس في الربا خاصة ، بل وجملة أموره ، وقيل : في الجزاء والمحاسبة ، وقيل : في العفو والعقوبة ، وقيل : أمره إلى الله يحكم في شأنه يوم القيامة ، لا إلى الذين عاملهم ، فلا يطالبونه بشيء ، وقيل : المعنى فأجره على الله لقبوله الموعظة ، قاله الحسن.
وقيل : الضمير يعود على : ما سلف ، أي في العفو عنه ، وإسقاط التبعة فيه ، وقيل : يعود على ذي الربا ، أي : في أن يثبته على الانتهاء ، أو يعيده إلى المعصية. قاله ابن جبير ، ومقاتل ، وقيل : يعود على الربا أي في إمرار تحريمه ، أو غير ذلك ، وقيل : في عفو الله من شاء منه ، قاله أبو سليمان الدمشقي.
(وَمَنْ عادَ) إلى فعل الربا ، والقول بأن البيع مثل الربا ، قال سفيان : ومن عاد إلى فعل الربا حتى يموت فله الخلود (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) تقدّم تفسير هذه الجملة الواقعة خبرا : لمن ، وحمل فيها على المعنى بعد الحمل على اللفظ ، فإن كانت في الكفار فالخلود خلود تأبيد ، أو في مسلم عاص فخلوده دوام مكثه لا التأييد.
وقال الزمخشري : وهذا دليل بيّن على تخليد الفساق. انتهى. وهو جار على مذهبه الاعتزالي في : أن الفاسق يخلد في النار أبدا ولا يخرج منها ، وورد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصح أن أكل الربا من السبع الموبقات ، وروي عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه : أن رسول الله لعن آكل الربا ومؤكله ، وسأل مالكا رحمهالله رجل رأى سكران يتقافز ، يريد أن يأخذ القمر ، فقال : امرأته طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم شر من الخمر ، أتطلق امرأته؟ فقال له مالك ، بعد أن ردّه مرتين : امرأتك طالق ، تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئا أشر من الربا ، لأن الله تعالى قد آذن فيه بالحرب.
(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) أي : يذهب ببركته ويذهب المال الذي يدخل فيه ، رواه أبو