وقيل : يحتمل أن يريد : يا أيها الذي آمنوا بمن قبل محمد صلىاللهعليهوسلم من الأنبياء ، ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين بمحمد ، إذ لا ينفع الأول إلّا بهذا ، قاله ابن فورك.
قال ابن عطية : وهو مردود بما روي في سبب الآية. انتهى. يعني أنها نزلت في عباس ، وعثمان ، أو في عباس ، وخالد ، أو فيمن أسلم من ثقيف ولم يكونوا هؤلاء قبل الإيمان آمنوا بأنبياء ، وقيل : هو شرط محض في ثقيف على بابه ، لأنه كان في أول دخولهم في الإسلام. انتهى. وعلى هذا ليس بشرط صحيح إلّا على تأويل استدامة الإيمان ، وذكر ابن عطية : أن أبا السماك ، وهو العدوي ، قرأ هنا : من الرّبو ، بكسر الراء المشدّدة وضم الباء وسكون الواو ، وقد ذكرنا قراءته كذلك في قوله : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) (١) وشيئا من الكلام عليها.
وقال أبو الفتح : شذ هذا الحرف في أمرين ، أحدهما : الخروج من الكسر إلى الضم بناء لازما ، والآخر : وقوع الواو بعد الضمة في آخر الاسم ، وهذا شيء لم يأت إلّا في الفعل ، نحو : يغزو ، ويدعو.
وأما ذو ، الطائية بمعنى : الذي فشاذة جدا ، ومنهم من يغير واوها إذا فارق الرفع ، فتقول : رأيت ذا قام. وجه القراءة أنه فخم الألف انتحى بها الواو التي الألف بدل منها على حد قولهم : الصلاة والزكاة وهي بالجملة قراءة شاذة. انتهى كلام أبي الفتح.
ويعني بقوله : بناء لازما ، أنه قد يكون ذلك عارضا نحو : الحبك ، فكسرة الحاء ليست لازمة ، ومن قولهم الردؤ ، في الوقف ، فضمة الدال ليست لازمة ، ولذلك لم يوجد في أبنية كلامهم فعل لا في اسم ولا فعل ، وأما قوله : وهذا شيء لم يأت إلّا في الفعل ، نحو : يغزو ، فهذا كما ذكر إلّا أنه جاء ذلك في الأسماء الستة في حالة الرفع ، فله أن يقول : لما لم يكن ذلك لازما في النصب والجر ، لم يكن ناقضا لما ذكروا ، ونقول : إن الضمة التي فيما قبل الآخر إما هي للاتباع ، فليس ضمة تكون في أصل بنية الكلمة كضمة يغزو.
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) ظاهره : فإن لم تتركوا ما بقي من الربا ، وسمى الترك فعلا ، وإذا أمروا بترك ما بقي من الربا لزم من ذلك الأمر بترك إنشاء الربا على طريق الأولى والأحرى. وقال الرازي : فإن لم تكونوا معترفين بتحريمه فأذنوا بحرب
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٥.