من الله ورسوله ، ومن ذهب إلى هذا قال : فيه دليل على أن من كفر بشريعة واحدة من شرائع الإسلام خرج من الملة كما لو كفر بجميعها.
وقرأ حمزة ، وأبو بكر في غير رواية البرجمي ، وابن غالب عنه : فآذنوا ، أمر من : آذن الرباعي بمعنى : أعلم ، مثل قوله : (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) (١).
وقرأ باقي السبعة : فأذنوا ، أمر من : أذن ، الثلاثي ، مثل قوله : (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) (٢).
وقرأ الحسن : فأيقنوا بحرب.
والظاهر أن الخطاب في قوله : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) هو لمن صدرت الآية بذكره ، وهم المؤمنون ، وقيل : الخطاب للكفار الذين يستحلون الربا ، فعلى هذا المحاربة ظاهرة ، وعلى الأول فالإعلام أو العلم بالحرب جاء على سبيل المبالغة في التهديد دون حقيقة الحرب ، كما جاء : «من أهان لي وليا فقد آذنني بالمحاربة». وقيل : المراد نفس الحرب.
ونقول : الإصرار على الربا إن كان ممن يقدر عليه الإمام ، قبض عليه الإمام وعزره وحبسه إلى أن يظهر منه التوبة ، أو ممن لا يقدر عليه ، حاربه كما تحارب الفئة الباغية.
وقال ابن عباس : من عامل بالربا يستتاب ، فإن تاب وإلّا ضربت عنقه.
ويحمل قوله هذا على من يكون مستبيحا للربا ، مصرا على ذلك ، ومعنى الآية : فإن لم تنتهوا حاربكم النبي صلىاللهعليهوسلم. وقيل : المعنى : فأنتم حرب الله ورسوله ، أي : أعداء. والحرب داعية القتل ، وقالوا : حرب الله النار ، وحرب رسوله السيف.
وروي عن ابن عباس أنه : «يقال يوم القيامة لآكل الربا : خذ سلاحك للحرب». والباء في بحرب على قراءة القصر للإلصاق ، تقول : أذن بكذا ، أي : علم ، وكذلك قال ابن عباس وغيره : المعنى فاستيقنوا بحرب من الله.
وقال الزمخشري : وهو من الأذن ، وهو الاستماع ، لأنه من طريق العلم. انتهى.
وقراءة الحسن تقوي قراءة الجمهور بالقصر. وقال ابن عطية : هي عندي من الإذن ، وإذا أذن المرء في شيء فقد قرره وبنى مع نفسه عليه ، فكأنه قيل لهم : قرروا الحرب بينكم وبين الله ورسوله.
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ١٠٩.
(٢) سورة النبأ : ٧٨ / ٣٨.