فليكتب ، وهو قلق لأجل الفاء ، ولأجل أنه لو كان متعلقا بقوله : فليكتب ، لكان النظم : فليكتب كما علمه الله ، ولا يحتاج إلى تقديم ما هو متأخر في المعنى.
وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون : كما ، متعلقا بما في قوله : ولا يأب ، أي : كما أنعم الله عليه بعلم الكتابة فلا يأب هو ، وليفضل كما أفضل عليه. انتهى. وهو خلاف الظاهر. وتكون الكاف في هذا القول للتعليل ، وإذا كان متعلقا بقوله : أن يكتب ، كان قوله : ولا يأب ، نهيا عن الامتناع من الكتابة المقيدة ، ثم أمر بتلك الكتابة ، لا يعدل عنها ، أمر توكيد. وإذا كان متعلقا بقوله : فليكتب ، كان ذلك نهيا عن الامتناع من الكتابة على الإطلاق ، ثم أمر بالكتابة المقيدة.
وقال الربيع ، والضحاك : ولا يأب ، منسوخ بقوله : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ).
(فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) أي : فليكتب الكاتب ، وليملل من وجب عليه الحق ، لأنه هو المشهود عليه بأن الدين في ذمّته ، والمستوثق منه بالكتابة.
(وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) ، فيما يمليه ويقربه ، وجمع بين اسم الذات وهو : الله ، وبين هذا الوصف الذي هو : الرب ، وإن كان اسم الذات منطوقا على جميع الأوصاف. ليذكره تعالى كونه مربيا له ، مصلحا لأمره ، باسطا عليه نعمه. وقدم لفظ : الله ، لأن مراقبته من جهة العبودية والألوهية أسبق من جهة النعم.
(وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) أي : لا ينقص بالمخادعة أو المدافعة ، والمأمور بالإملال هو المالك لنفسه. وفك المضاعفين في قوله : وليملل ، لغة الحجاز ، وذلك في ماسكن آخره بجزم ، نحو هذا ، أو وقف نحو : أملل ، ولا يفك في رفع ولا نصب. وقرىء : شيئا بالتشديد.
(فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً) قال مجاهد ، وابن جبير : هو الجاهل بالأمور والإملاء. وقال الحسن : الصبي والمرأة ، وقال الضحاك ، والسدّي : الصغير. وضعف هذا لأنه قد يصدق السفيه على الكبير ، وذكر القاضي أبو يعلى : أنه المبذر. وقال الشافعي : المبذر لماله المفسد لدينه. وروي عن السدي : أنه الأحمق ، وقيل : الذي يجهل قدر المال فلا يمتنع من تبذيره ولا يرغب في تثميره. وقال ابن عباس : الجاهل بالإسلام.
(أَوْ ضَعِيفاً) قال ابن عباس : وابن جبير : إنه العاجز ، والأخرس ، ومن به حمق ـ وقال مجاهد ، والسدي : الأحمق. وذكر القاضي أبو يعلى ، وغيره : أنه الصغير. وقيل :