الثاني. انتهى. وقيل : واعف عنا من المسخ ، واغفر لنا عن الخسف من القذف ، وقيل : اعف عنا من الأفعال ، واغفر لنا من الأقوال ، وارحمنا بثقل الميزان. وقيل : واعف عنا في سكرات الموت ، واغفر لنا في ظلمة القبر ، وارحمنا في أهوال يوم القيامة. وكل هذه الأقوال تخصيصات لا دليل عليها.
(أَنْتَ مَوْلانا) المولى مفعل من ولي يلي ، يكون للمصدر والزمان والمكان. أما إذا أريد به مالك التدبير والتصريف في وجوه الضر والنفع ، أو السيد ، أو الناصر ، أو ابن العم أو غير ذلك من محامله ، فأصله المصدر ، سمي به وغلبت عليه الاسمية ، ووليته العوامل.
(فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) أدخل الفاء إيذانا بالسببية. لأن كونه تعالى مولاهم ، ومالك تدبيرهم ، وأمرهم ، ينشأ عن ذلك النصرة لهم على أعدائهم ، كما تقول : أنت الشجاع فقاتل ، وأنت الكريم فجد عليّ. أي : أظهرنا عليهم بما تحدث في قلوبنا من الجرأة والقوّة ، وفي قلوبهم من الخور والجبن.
وتضمنت هذه الآية من أنواع الفصاحة وضروب البلاغة أشياء ، منها : الطباق في (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) والطباق المعنوي في : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) لأن : لها ، إشارة إلى ما يحصل به نفع ، و : عليها ، إشارة إلى ما يحصل به ضرر. والتكرار في قوله : (وَما فِي الْأَرْضِ) كرر : ما ، تنبيها وتوكيدا. وفي قوله : (بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) وفي قوله : ما كسبت وما اكتسبت. إذا قلنا إنهما بمعنى واحد ، إذ كان يعني : لها ما كسبت. والتجنيس المغاير في : (آمَنَ) و (الْمُؤْمِنُونَ). والحذف في عدّة مواضع. والله أعلم.