رؤيتهم ، لا يترتب عليها إقرارهم أن القوة لله جميعا. وصار نظير قولك : يا زيد لو ترى عمرا في وقت ضربه ، لأقر أن الله قادر عليه ، وإقراره بقدرة الله ليست مترتبة على رؤية زيد. وعلى من قرأ : ولو يرى ، بالياء من أسفل وفتح ، أن يكون تقدير الجواب : لعلموا أن القوة لله جميعا ، وإن كان فاعل يرى هو الذين ظلموا ، وإن كان ضميرا يقدر ولو يرى هو ، أي السامع ، كان التقدير : لعلم أن القوة لله جميعا. ومنهم من قدر الجواب محذوفا بعد قوله (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) ، وهو قول أبي الحسن الأخفش ، وأبي العباس المبرد ، وتقديره : على قراءة ولو ترى بالخطاب ، لاستعظمت ما حل بهم ، وعلى قراءة ولو يرى للغائب ، فإن كان فيه ضمير السامع كان التقدير : لاستعظم ذلك ، وإن كان الذين ظلموا هو الفاعل ، كان التقدير : لاستعظموا ما حل بهم. وإذا كان الجواب مقدرا آخر الكلام ، وكانت أن مفتوحة ، فتوجيه فتحها على تقديرين : أحدهما أن تكون معمولة ليرى في قراءة من قرأ بالياء ، أي ولو رأى الذين ظلموا أن القوة لله جميعا. وأما من قرأ بالتاء ، فتكون أن مفعولا من أجله ، أي لأن القوة لله جميعا ، ومن كسر أن مع قراءة التاء في ترى ، وقدر الجواب آخر الكلام ، فهي ، وإن كانت مكسورة على معنى المفتوحة ، دالة على التعليل ، تقول : لا تهن زيدا إنه عالم ، ولا تكرم عمرا إنه جاهل ، فهي على معنى المفتوحة من التعليل ، وتكون هذه الجملة كأنها معترضة بين لو وجوابها المحذوف. وأما قراءة من قرأ بالياء من أسفل وكسر الهمزتين ، فيحتمل أن تكون معمولة لقول محذوف هو جواب لو ، أي لقالوا إن القوة ، أو على سبيل الاستئناف والجواب محذوف ، أي لاستعظموا ذلك ، ومفعول : ترى محذوف ، أي ولو رأى الظالمون حالهم. وترى في قوله : ولو ترى ، يحتمل أن تكون بصرية ، وهو قول أبي علي ، ويحتمل أن تكون عرفانية. وإذا جعلت أن معمولة ليرى ، جاز أن تكون بمعنى علم التعدية إلى اثنين ، سدت أن مسدهما ، على مذهب سيبويه. والذين ظلموا ، إشارة إلى متخذي الأنداد ، ونبه على العلية ، أو يكون عاما ، فيندرج فيه هؤلاء وغيرهم من الكفار. لكن سياق ما بعده يرشد إلى أنهم متخذو الأنداد. وقراءة ابن عامر : إذ يرون ، مبنيا للمفعول ، هو من أريت المنقولة من رأيت ، بمعنى أبصرت. ودخلت إذ ، وهي للظرف الماضي ، في أثناء هذه المستقبلات ، تقريبا للأمر وتصحيحا لوقوعه ، كما يقع الماضي المستقبل في قوله : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ) (١) ، وكما جاء :
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ٥٠.