وأما الرفع فإنه مسموع من لسان العرب كثير. وقال بعض أصحابنا : وهو أحسن من الجزم ، ومنه بيت زهير السابق إنشاده ، وهو قوله أيضا :
وإن سل ريعان الجميع مخافة |
|
يقول جهارا : ويلكم لا تنفروا |
وقال أبو صخر :
ولا بالذي إن بان عنه حبيبه |
|
يقول ويخفي الصبر : إني لجازع |
وقال الآخر :
وإن بعدوا لا يأمنون اقترابه |
|
تشوّف أهل الغائب المتنظّر |
وقال الآخر :
وإن كان لا يرضيك حتى تردّني |
|
إلى قطري لا إخالك راضيا |
وقال الآخر :
إن يسألوا الخير يعطوه ، وإن خبروا |
|
في الجهد أدرك منهم طيب إخبار |
فهذا الرفع ، كما رأيت كثير ، ونصوص الأمة على جوازه في الكلام ، وإن اختلفت تأويلاتهم كما سنذكره. وقال صاحبنا أبو جعفر أحمد بن رشيد المالقي ، وهو مصنف (رصف المباني) رحمهالله : لا أعلم منه شيئا جاء في الكلام ، وإذا جاء فقياسه الجزم لأنه أصل العمل في المضارع ، تقدّم الماضي أو تأخر ، وتأوّل هذا المسموع على إضمار الفاء ، وجعله مثل قول الشاعر :
إنك إن يصرع أخوك تصرع.
على مذهب من جعل الفاء منه محذوفة.
وأما المتقدّمون فاختلفوا في تخريج الرفع ، فذهب سيبويه إلى أن ذلك على سبيل التقديم. وأما جواب الشرط فهو محذوف عنده.
وذهب الكوفيون ، وأبو العباس إلى أنه هو الجواب حذفت منه الفاء ، وذهب غيرهما إلى أنه لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط ، لكونه ماضيا ، ضعف عن العمل في فعل الجواب ، وهو عنده جواب لا على إضمار الفاء ، ولا على نية التقديم ، وهذا والمذهب الذي قبله ضعيفان.