مني إنك أنت السميع العليم ، ولم تقبل أنثى قبل مريم في ذلك ، ويكون : تفعل ، بمعنى الفعل المجرد نحو : تعجب وعجب ، وتبرأ وبرىء.
والباء في : بقبول ، قيل : زائدة ، ويكون إذ ذاك ينتصب انتصاب المصدر على غير الصدر ، وقيل : ليست بزائدة.
والقبول اسم لما يقبل به الشيء : كالسعوط واللدود لما يسعط به ويلد ، وهو اختصاصه لها بإقامتها مقام الذكر في النذر ، أو : مصدر على تقدير حذف مضاف أي : بذي قبول حسن ، أي : بأمر ذي قبول حسن ، وهو الاختصاص.
(وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) عبارة عن حسن النشأة والجودة في خلق وخلق ، فأنشأها على الطاعة والعبادة. قال ابن عباس : لما بلغت تسع سنين صامت النهار وقامت الليل حتى أربت على الأحبار. وقيل : لم تجر عليها خطيئة. قال قتادة : حدّثنا أنها كانت لا تصيب الذنوب كما يصيب بنو آدم. وقيل : معنى (أَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) أي : جعل ثمرتها مثل عيسى.
وانتصب : نباتا ، على أنه مصدر على غير الصدر ، أو مصدر لفعل محذوف أي : فنبتت نباتا حسنا ، ويقال : القبول الحسن تربيتها على نعت العصمة حتى قالت : (أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) (١) والنبات الحسن الاستقامة على الطاعة وإيثار رضا الله في جميع الأوقات.
(وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) قال قتادة : ضمها إليه. وقال أبو عبيدة : ضمن القيام بها ، ومن القبول الحسن والنبات الحسن أن جعل تعالى كافلها والقيم بأمرها وحفظها نبيا. أوحى الله إلى داود عليهالسلام : إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما.
وقرأ الكوفيون : وكفلها ، بتشديد الفاء ، وباقي السبعة بتخفيفها. وأبيّ : وأكفلها ، ومجاهد : فتقبلها بسكون اللام ، ربها ، بالنصب على النداء ، و : أنبتها ، بكسر الباء وسكون التاء ، و : كفلها ، بكسر الفاء مشدّدة وسكون اللام على الدعاء من أم مريم لمريم. وقرأ عبد الله المزني : وكفلها ، بكسر الفاء وهي لغة يقال : كفل يكفل وكفل يكفل ، كعلم يعلم.
__________________
(١) سورة مريم : ١٩ / ١٨.