أحدها : أن يكون منصوبا بإضمار فعل تقديره : ويجعله رسولا إلى بني إسرائيل ، قالوا : فيكون مثل قوله :
يا ليت زوجك قد غدا |
|
متقلدا سيفا ورمحا |
أي : ومعتقلا رمحا. لما لم يمكن تشريكه مع المنصوبات قبله في العامل الذي هو : يعلمه ، أضمر له فعل ناصب يصح به المعنى ، قاله ابن عطية وغيره.
الثاني : أن يكون معطوفا على : ويعلمه ، فيكون : حالا ، إذ التقدير : ومعلما الكتاب ، فهذا كله عطف بالمعنى على قوله : وجيها ، قاله الزمخشري ، وثنى به ابن عطية ، وبدأ به وهو مبني على إعراب : ويعلمه. وقد بينا ضعف إعراب من يقول : إن : ويعلمه ، معطوف على : وجيها ، للفصل المفرط بين المتعاطفين.
الثالث : أن يكون منصوبا على الحال من الضمير المستكن في : ويكلم ، فيكون معطوفا على قوله : وكهلا ، أي : ويكلم الناس طفلا وكهلا ورسولا إلى بني إسرائيل ، قاله ابن عطية ، وهو بعيد جدا لطول الفصل بين المتعاطفين.
الرابع : أن تكون الواو زائدة ، ويكون حالا من ضمير : ويعلمه ، قاله الأخفش ، وهو ضعيف لزيادة الواو ، لا يوجد في كلامهم : جاء زيد وضاحكا ، أي : ضاحكا.
الخامس : أن يكون منصوبا على إضمار فعل من لفظ رسول ، ويكون ذلك الفعل معمولا لقول من عيسى ، التقدير : وتقول أرسلت رسولا إلى بني إسرائيل ، واحتاج إلى هذا التقدير كله ، لقوله : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) وقوله : (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَ) ، إذ لا يصح في الظاهر حمله على ما قبله من المنصوبات لاختلاف الضمائر ، لأن ما قبله ضمير غائب ، وهذان ضميرا متكلم ، فاحتاج إلى هذا الإضمار لتصحيح المعنى. قاله الزمخشري ، وقال : هو من المضايق ، يعني من المواضع التي فيها إشكال. وهذا الوجه ضعيف ، إذ فيه إضمار القول ومعموله الذي هو : أرسلت ، والاستغناء عنهما باسم منصوب على الحال المؤكدة ، إذ يفهم من قوله : وأرسلت ، أنه رسول ، فهي على هذا التقدير حال مؤكدة.
فهذه خمسة أوجه في إعراب : ورسولا ، أولاها الأول ، إذ ليس فيه إلّا إضمار فعل يدل عليه المعنى ، أي : ويجعله رسولا ، ويكون قوله (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) معمولا لرسول ، أي ناطقا بأني قد جئتكم ، على قراءة الجمهور ، ومعمولا لقول محذوف على قراءة من كسر