بالعدل ، لأنه فاعل حق في ذلك ، والماكر من البشر فاعل باطل في الأغلب ، وقال تعالى : (وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) (١).
وقيل : خير ، هنا ليست للتفضيل ، بل هي : كهي في قوله : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) (٢) وقال حسان.
فشركما لخيركما الفداء
وفي هذه الآية من ضروب البلاغة : الاستعارة في : أحس ، إذ لا يحس إلا ما كان متجسدا ، والكفر ليس بمحسوس ، وإنما يعلم ويفطن به ، ولا يدرك بالحس إلّا إن كان أحس ، بمعنى رأى ، أو بمعنى : سمع منهم كلمة الكفر ، فيكون : أحس ، لا استعارة فيه ، إذ يكون أدرك ذلك منهم بحاسة البصر ، أو بحاسة الأذن ، وتسمية الشيء باسم ثمرته.
قال الجمهور : أحس منهم القتل ، وقتل نبي من أعظم ثمرات الكفر.
والسؤال والجواب في : (قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ) والتكرار في : من أنصاري إلى الله ، وأنصار الله ، وآمنا بالله ، وآمنا بما أنزلت ، ومكروا ومكر الله ، والماكرين ، وفي هذا التجنيس المماثل ، والمغاير ، والحذف ، في مواضع.
(إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) العامل في : إذ ، ومكر الله قاله الطبري ، أو : اذكر ، قاله بعض النحاة ، أو : خير الماكرين ، قاله الزمخشري. وهذا القول هو بواسطة الملك ، لأن عيسى ليس بمكلم ، قاله ابن عطية.
و : متوفيك ، هي وفاة يوم رفعه الله في منامه ، قاله الربيع من قوله : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) (٣) أي : ورافعك وأنت نائم ، حتى لا يلحقك خوف ، وتستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب. أو : وفاة موت ، قاله ابن عباس. وقال وهب : مات ثلاث ساعات ورفعه فيها ثم أحياه الله بعد ذلك في السماء ، وفي بعض الكتب : سبع ساعات.
وقال الفراء : هي وفاة موت ، ولكن المعنى : متوفيك في آخر أمرك عند نزولك وقتلك الدجال ، وفي الكلام تقديم وتأخير.
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٨٤.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٤.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٦٠.