محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأن الإنسان لا يدعو نفسه ، بل المراد غيره. وأجمعوا على أن الذي هو غيره : عليّ ، فدلت الآية على أن نفسه نفس الرسول ، ولا يمكن أن يكون عينها ، فالمراد مثلها ، وذلك يقتضي العموم إلّا أنه ترك في حق النبوّة الفضل لقيام الدليل ودل الإجماع على أنه كان صلىاللهعليهوسلم أفضل من سائر الأنبياء ، فلزم أن يكون عليّ كذلك.
قال : ويؤكد ذلك الحديث المنقول عنه من الموافق والمخالف : «من أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحا في طاعته ، وإبراهيم في حلمه ، وموسى في قومه ، وعيسى في صفوته فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب». فيدل ذلك على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم.
قال : وذلك يدل على أنه أفضل من جميع الأنبياء والصحابة. وأجاب الرازي : بأن الإجماع منعقد على أن النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل ممن ليس بنبي ، وعليّ لم يكن نبيا ، فلزم القطع بأنه مخصوص في حق جميع الأنبياء.
وقال الرازي : استدلال الحمصي فاسد من وجوه.
منها قوله : إن الإنسان لا يدعو نفسه بل يجوز للإنسان أن يدعو نفسه ، تقول العرب : دعوت نفسي إلى كذا فلم تجبني ، وهذا يسميه أبو علي بالتجريد.
ومنها قوله : وأجمعوا على أن الذي هو غيره هو عليّ ، ليس بصحيح ، بدليل الأقوال التي سيقت في المعنى بقوله : وأنفسنا.
ومنها قوله : فيكون نفسه مثل نفسه ، ولا يلزم من المماثلة أن تكون في جميع الأشياء ، بل تكفي المماثلة في شيء ما ، هذا الذي عليه أهل اللغة ، لا الذي يقوله المتكلمون : من أن المماثلة تكون في جميع صفات النفس ، هذا اصطلاح منهم لا لغة. فعلى هذا تكفي المماثلة في صفة واحدة ، وهي كونه من بني هاشم ، والعرب تقول : هذا من أنفسنا ، أي : من قبيلتنا. وأما الحديث الذي استدل به فموضوع لا أصل له. وهذه النزغة التي ذهب إليها هذا الحمصي من كون علي أفضل من الأنبياء عليهمالسلام سوى محمد صلىاللهعليهوسلم ، وتلقفها بعض من ينتحل كلام الصوفية ، ووسع المجال فيها ، فزعم أن الولي أفضل من النبي ، ولم يقصر ذلك على وليّ واحد ، كما قصر ذلك الحمصي ، بل زعم : أن رتبة الولاية التي لا نبوة معها أفضل من رتبة النبوة. قال : لأن الولي يأخذ عن الله بغير