بالنجاشي ، وفيه : أن النجاشي قال : لا دهورة اليوم على حزب إبراهيم. أي : لا خوف ولا تبعة ، فقال عمرو : من حزب إبراهيم؟ فقال النجاشي : هؤلاء الرهط وصاحبهم ، يعني : جعفرا وأصحابه. ورسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لكل نبي ولاة من النبيين ، وإن وليي منهم أبي ، وخليل ربي إبراهيم». ثم قرأ هذه الآية. ومعنى : أولى الناس : أخصهم به وأقربهم منه من الولي ، وهو القرب. والذين اتبعوه يشمل كل من اتبعه في زمانه وغير زمانه ، فيدخل فيه متبعوه في زمان الفترات. وعنى بالأتباع أتباعه في شريعته.
وقال عليّ بن عيسى : أحقهم بنصرته أي : بالمعونة وبالحجة ، فمن تبعه في زمانه نصره بمعونته على مخالفته. ومحمد والمؤمنون نصروه بالحجة له أنه كان محقا سالما من المطاعن ، وهذا النبي : يعني به محمدا صلىاللهعليهوسلم ، وخص بالذكر من سائر من اتبعه لتخصيصه بالشرف والفضيلة ، كقوله (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) (١).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) قيل : آمنوا من أمّة محمد ، وخصوا أيضا بالذكر تشريفا لهم ، إذ هم أفضل الأتباع للرسل ، كما أن رسولهم أفضل الرسل. وقيل : المؤمنون في كل زمان. وعطف (وَهذَا النَّبِيُ) على خبر إن ، ومن أعرب (وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ والخبر : هم المتبعون له ، فقد تكلف إضمارا لا ضرورة تدعو إليه.
وقرىء : وهذا النبيّ ، بالنصب عطفا على : الهاء ، في اتبعوه ، فيكون متبعا لا متبعا : أي : أحق الناس بإبراهيم من اتبعه ، ومحمدا صلّى الله عليهما وسلّم ، ويكون : والذين آمنوا ، عطفا على خبر : إن ، فهو في موضع رفع.
وقرئ : وهذا النبي ، بالجر ، ووجه على أنه عطف على : إبراهيم ، أي : إن أولى الناس بإبراهيم وبهذا النبي للذين اتبعوا إبراهيم. و : النبي ، قالوا : بدل من هذا ، أو : نعت ، أو : عطف بيان. ونبه على الوصف الذي يكون به الله وليا لعباده ، وهو : الإيمان. فقال : وليّ المؤمنين ، ولم يقل : وليهم. وهذا وعد لهم بالنصر في الدنيا ، وبالفوز في الآخرة. وهذا كما قال تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا).
قيل : وجمعت هذه الآيات من البلاغة : التنبيه والإشارة والجمع بين حرفي التأكيد ، وبالفصل في قوله : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) وفي : (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) والإختصاص في : (عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) وفي : (وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) والتجوز بإطلاق اسم
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٩٨.