فسرت به ، فلذلك قال قتادة ، والسدي ، والربيع : وأنتم تشهدون بما يدل على صحتها من كتابكم الذي فيه البشارة.
وقيل : تشهدون بمثلها من آيات الأنبياء التي تقرون بها ، وقيل : بما عليكم فيه من الحجة. وقيل : إن كتبكم حق ، ولا تتبعون ما أنزل فيها. وقيل : بصحتها إذا خلوتم.
فيكون : تشهدون ، بمعنى : تقرون وتعترفون. وقال الراغب : أو عنى ما يكون من شهادتهم (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) (١).
وقيل : تكفرون بآيات الله : تنكرون كون القرآن معجزا ، ثم تشهدون بقلوبكم وعقولكم أنه معجز.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) تقدّم تفسير مثل هذا في قوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) (٢) وفسر : اللبس ، بالخلط والتغطية ، وتكلم المفسرون هنا ، ففسروا الحق بما يجدونه في كتبهم من صفة الرسول ، والباطل الذي يكتبونه بأيديهم ويحرفونه : قال معناه الحسن ، وابن زيد.
وقيل : إظهار الإسلام وإبطال اليهودية والنصرانية ، قال قتادة ، وابن جرير والثعلبي. وقيل : الإيمان بموسى وعيسى ، والكفر بالرسول. وقال أبو علي : يتأولون الآيات التي فيها الدلالة على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم على خلاف تأويلها ، ليظهر منها للعوامّ خلاف ما هي عليه ، وأنتم تعلمون بطلان ما تقولون.
وقيل : هو ما ذكره تعالى بعد ذلك من قوله : (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ) وقيل : إقرارهم ببعض أمر النبي صلىاللهعليهوسلم. والباطل : كتمانهم لبعض أمره ، وهذان القولان عن ابن عباس. وقيل : إقرارهم بنبوته ورسالته ، والباطل قول أحبارهم : ليس رسولا إلينا ، بل شريعتنا مؤبدة.
وقرأ يحيى بن وثاب : تلبسون ، بفتح الباء مضارع : لبس ، جعل الحق كأنه ثوب لبسوه ، والباء في : بالباطل ، للحال أي : مصحوبا بالباطل.
وقرأ أبو مجلز : تلبسون ، بضم التاء وكسر الباء المشدّدة ، والتشديد هنا للتكثير ، كقولهم : جرّحت وقتلت ، وأجاز الفراء ، والزجاج في : ويكتمون ، النصب ، فتسقط النون
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ / ٢٤.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٤٢.