عليه ، والحجر الأسود وهو : من حجارة الكعبة ، وهو يمين الله في الأرض يشهد لمن مسه. والحطيم ، وزمزم ، وأمن الخائف وهيبته وتعظيمه في قلوب الناس ، وأمر الفيل ، ورمى طير الله عنه بحجارة السجيل ، وكف الجبابرة عنه على وجه الدهر ، وإذعان نفوس العرب لتوقير هذه البقعة دون ناه ولا زاجر ، وجباية الأرزاق إليه ، وهو «بواد غير ذي زرع» (١) وحمايته من السيول. ودلالة عموم المطر إياه من جميع جوانبه على خصب آفاق الأرض ، فإن كان المطر من جانب أخصب الأفق الذي يليه. وذكر مكي وغيره : أنّ من آياته كون الطير لا يعلوم عليه. قال ابن عطية : وهذا ضعيف ، والطير يعاين بعلوه ، وقد علته العقاب التي أخذت الحية المشرفة على جداره ، وتلك كانت من آياته انتهى. وأي عبد علا عليه عتق. وتعجيل العقوبة لمن عتا فيه ، وإجابة دعاء من دعا تحت الميزاب ، ومضاعفة أجر المصلي ، وغير ذلك من الآيات. وقوله : فيه آيات بينات ، الضمير في فيه عائد على البيت ، فينبغي أن لا يذكر من الآيات إلا ما كان في البيت. لكنهم توسعوا في الظرفية ، إذ لا يمكن حملها على الحقيقة لأنه كان يلزم أن الآيات تكون داخل الجدران. ووجه التوسع أنّ البيت وضع بحرمه وجميع فضائله ، فهي فيه على سبيل المجاز. ولذلك عدّ المفسرون آيات في الحرم وأشياء مما التزمت في شريعتنا من : تحريم قطع شجره ، ومنع الاصطياد فيه. والذي تعرضت له الآية هو مقام إبراهيم ، لأنه آية باقية على مر الأعصار. وذلك أنّه لمّا قام إبراهيم على حجر المقام وقت رفعه القواعد من البيت طال له البناء ، فكلما علا الجدار ارتفع الحجر به في الهواء ، فما زال يبني وهو قائم عليه وإسماعيل يناوله الحجارة والطين حتى كمل الجدار. ثم أراد الله إبقاء ذلك آية للعالمين ليّن الحجر فغرقت فيه قدما إبراهيم كأنها في طين ، فذلك الأثر باق إلى اليوم. وقد نقلت كافة العرب ذلك في الجاهلية على مرور الاعصار. وقال في ذلك أبو طالب :
وموطىء إبراهيم في الصخر رطبة |
|
على قدميه حافيا غير ناعل |
فما حفظ أن أحدا من الناس نازع في هذا القول. وقيل : سبب أثر قدميه في هذا الحجر أنه وافى مكة زائرا من الشام فقالت له زوجة إسماعيل : انزل. حتى اغسل رأسك ، فأبى أن ينزل ، فجاءت بهذا الحجر من جهة شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه حتى غسلت
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٧.