بالإسلام. وقال السدي : بمحمد صلىاللهعليهوسلم. وقال أعرابي لابن عباس وهو يفسر هذه الآية : والله ما أنقذهم منها ، وهو يريد أن يوقعهم فيها. فقال ابن عباس : خذوها من غير فقيه. وذكر المفسرون هنا قصة ابتداء إسلام الأنصار وما شجر بينهم بعد الإسلام ، وزوال ذلك ببركات رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) : تقدم الكلام على مثل هذه الجملة ، إلا أنّ آخر هذه مختتم بالهداية لمناسبة ما قبلها. وقال الزمخشري : «لعلكم تهتدون» إرادة أن تزدادوا هدى. وقال ابن عطية : وقوله لعلكم تهتدون في حق البشر ، أي من تأمل منكم الحال ـ رجاء ـ الاهتداء. فالزمخشري جعل الترجي مجازا عن إرادة الله زيادة الهدى ، وابن عطية أبقى الترجي على حقيقته ، لكنه جعل ذلك بالنسبة إلى البشر لا إلى الله تعالى ، إذ يستحيل الترجي من الله تعالى ، وفي كلا القولين المجاز. أما في قول الزمخشري فحيث جعل الترجي بمعنى إرادة الله ، وأمّا في قول ابن عطية فحيث أسند ما ظاهره الإسناد إليه تعالى إلى البشر.
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأمر متوجه لمن يتوجه الخطاب عليهم. قيل : وهم الأوس والخزرج على ما ذكره الجمهور. وأمره لهم بذلك أمر لجميع المؤمنين ، ومن تابعهم إلى يوم القيامة ، فهو من الخطاب الخاص الذي يراد به العموم. ويحتمل أن يكون الخطاب عاما فيدخل فيه الأوس والخزرج. والظاهر أنّ قوله (مِنْكُمْ) يدل على التبعيض ، وقاله : الضحاك والطبري. لأن الدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يصلح إلا لمن علم المعروف والمنكر ، وكيف يرتب الأمر في إقامته ، وكيف يباشر؟ فإن الجاهل ربما أمر بمنكر ، ونهي عن معروف ، وربما عرف حكما في مذهبه مخالفا لمذهب غيره ، فينهى عن غير منكر ويأمر بغير معروف ، وقد يغلظ في مواضع اللين وبالعكس. فعلى هذا تكون من للتبعيض ، ويكون متعلق الأمر ببعض الأمة ، وهم الذين يصلحون لذلك. وذهب الزجاج إلى أن من لبيان الجنس ، وأتى على زعمه بنظائر من القرآن وكلام العرب ، ويكون متعلق الأمر جميع الأمة يكونون يدعون جميع العالم إلى الخير ، الكفار إلى الإسلام ، والعصاة إلى الطاعة. وظاهر هذا الأمر الفرضية ، فالجمهور على أنه فرض كفاية ، فإذا قام به بعض سقط عن الباقين. وذهب جماعة ، من العلماء إلى أنه فرض عين ، فيتعين على كل مسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متى قدر على ذلك وتمكّن منه. واختلفوا في الذي يسقط