الناس ويكسوهم ويقوم بمصالحهم. وقال ابن عطية : تأمرون وما بعده أحوال في موضع نصب انتهى. وقاله الراغب : والاستئناف أمكن وأمدح. وأجاز الحوفي في أن يكون تأمرون خبرا بعد خبر ، وأن كون نعتا لخير أمة. قيل : وقدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان ، لأنّ الإيمان مشترك بين جميع الأمم ، فليس المؤثر لحصول هذه الزيادة ، بل المؤثر كونهم أقوى حالا في الأمر والنهي. وإنا الإيمان شرط للتأثير ، لأنه ما لم يوجد لم يضر شيء من الطاعات مؤثرا في صفة الخيرية ، والمؤثر ألصق بالأثر من شرط التأثير. وإنما اكتفى بذكر الإيمان بالله عن الإيمان بالنبوّة لأنه مستلزم له انتهى. وهو من كلام محمد بن عمر الرازي. وقال الزمخشري : جعل الإيمان بكل ما يجب الإيمان به إيمانا بالله ، لأن من آمن ببعض ، ما يجب الإيمان به من رسول أو كتاب أو بعث أو حساب أو عقاب أو ثواب أو غير ذلك لم يعتد بإيمانه ، فكأنه غير مؤمن بالله. ويقولون : نؤمن ببعض الآية انتهى. وقيل : هو على حذف مضاف ، أي وتؤمنون برسول الله. والظاهر في المعروف ، والمنكر العموم. وقال ابن عباس : المعروف الرسول ، والمنكر عبادة الأصنام. وقال أبو العالية : المعروف التوحيد ، والمنكر الشرك.
(وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) أي ولو آمن عامّتهم وسائرهم. ويعني الإيمان التام النافع. واسم كان ضمير يعود على المصدر المفهوم من آمن كما يقول : من صدق كان خيرا له ، أي لكان هو ، أي الإيمان. وعلّق كينونة الإيمان خيرا لهم على تقدير حصوله توبيخا لهم مقرونا بنصحه تعالى لهم أن لو آمنوا لنجوا أنفسهم من عذاب الله. وخبر هنا أفعل التفضيل ، والمعنى : لكان خيرا لهم مما هم عليه ، لأنهم إنما آثروا دينهم على دين الإسلام حبا في الرئاسة واستتباع العوام ، فلهم في هذا خط دنيوي. وإيمانهم يحصل به الحظ الدنيوي من كونهم يصيرون رؤساء في الإسلام ، والحظ الأخروي الجزيل بما وعدوه على الإيمان من إيتائهم أجرهم مرتين. وقال ابن عطية : ولفظة خير صيغة تفضيل ، ولا مشاركة بين كفرهم وإيمانهم في الخير ، وإنما جاز ذلك لما في لفظة خير من الشياع وتشعب الوجوه ، وكذلك هي لفظة أفضل وأحب وما جرى مجراها انتهى كلامه. وإبقاؤها على موضوعها الأصلي أولى إذا أمكن ذلك ، وقد أمكن إذ الخيرية مطلقة فتحصل بأدنى مشاركة.
(مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) ظاهر اسم الفاعل التلبس بالفعل ، فأخبر تعالى أنّ من أهل الكتاب من هو ملتبس بالإيمان كعبد الله بن سلام ، وأخيه ، وثعلبة بن