الجملة مستأنفة ، أو في موضع الحال من الضمير في يسجدون ، وأن تكون بدلا من السجود. قيل : لأن السجود بمعنى الإيمان. قال الزمخشري : وصفهم بخصائص ما كانت في اليهود من تلاوة آيات الله بالليل ساجدين ، ومن الإيمان بالله ، لأن إيمانهم به كلا إيمان ، لإشراكهم به عزيرا وكفرهم ببعض الكتب والرسل دون بعض ، ومن الإيمان باليوم الآخر لأنهم يصفونه بخلاف صفته ، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنهم كانوا مداهنين ، ومن المسارعة في الخيرات لأنهم كانوا متباطئين عنها غير راغبين فيها انتهى كلامه. وهو حسن. ولمّا ذكر تعالى هذه الأمة وصفها بصفات ست :
إحداها : أنها قائمة ، أي مستقيمة على النهج القويم. ولمّا كانت الاستقامة وصفا ثابتا لها لا يتغير جاء باسم الفاعل.
الثانية : الصلاة بالليل المعبر عنها بالتلاوة والسجود ، وهي العبادة التي يظهر بها الخلو لمناجاة الله بالليل.
الثالثة : الإيمان بالله واليوم الآخر ، وهو الحامل على عبادة الله وذكر اليوم الآخر لأن فيه ظهور آثار عبادة الله من الجزاء الجزيل. وتضمن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالأنبياء ، إذ هم الذين أخبروا بكينونة هذا الجائز في العقل ووقوعه ، فصار الإيمان به واجبا.
الرابعة : الأمر بالمعروف.
الخامسة : النهي عن المنكر ، لما كملوا في أنفسهم سعوا في تكميل غيرهم بهذين الوصفين.
السادسة : المسارعة في الخيرات. وهي صفة تشمل أفعالهم المختصة بهم ، والأفعال المتعدية منهم إلى غيرهم. وهذه الصفات الثلاثة ناشئة أيضا عن الإيمان ، فانظر إلى حسن سياق هذه الصفات حيث توسط الإيمان ، وتقدمت عليه الصفة المختصة بالإنسان في ذاته وهي الصلاة بالليل ، وتأخرت عنه الصفتان المتعدّيتان والصفة المشتركة ، وكلها نتائج عن الإيمان.
(وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) هذه إشارة إلى من جمع هذه الصفات الست ، أي وأولئك الموصوفون بتلك الأوصاف من الذين صلحت أحوالهم عند الله. قال الزمخشري : ويجوز أن يريد بالصالحين المسلمين انتهى. ويشبه قوله قول ابن عباس من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم. وفيما قاله الزمخشري بعد بل : الظاهر أنّ في الوصف بالصلاح زيادة على الوصف