وجراد محسوس قتله البرد ، وسنة حسوس أتت على كل شيء.
التنازع : الاختلاف ، وهو من النزع وهو الجذب. ونزع ينزع جذب ، وهو متعد إلى واحد. ونازع متعد إلى اثنين ، وتنازع متعد إلى واحد. قال :
فلما تنازعنا الحديث وأسمحت |
|
هصرت بغصن ذي شماريخ ميال |
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) هذه الآية وما بعدها عتب شديد لمن وقعت منهم الهفوات يوم أحد. واستفهم على سبيل الإنكار أن يظنّ أحد أن يدخل الجنة وهو مخلّ بما افترض عليه من الجهاد والصبر عليه. والمراد بنفي العلم انتفاء متعلقه ، لأنه منتف بانتفائه كما قال تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) (١) المعنى : لم يكن فيهم خير ، لأنّ ما لم يتعلق به علم الله تعالى موجودا لا يكون موجودا أبدا.
وأم هنا منقطعة في قول الأكثرين تتقدر ببل ، والهمزة على ما قرر في النحو. وقيل : هي بمعنى الهمزة. وقيل : أم متصلة. قال ابن بحر : هي عديلة همزة تتقدر من معنى ما تتقدم ، وذلك أنّ قوله : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) و (تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها) (٢) إلى آخر القصة يقتضي أن يتبع ذلك : أتعلمون أن التكليف يوجب ذلك ، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة من غير اختبار وتحمل مشقة وأن تجاهدوا فيعلم الله ذلك منكم واقعا. انتهى كلامه. وتقدّم لنا إبطال مثل هذا القول. وهذا الاستفهام الذي تضمنته معناه الإنكار والإضراب الذي تضمنته أيضا هو ترك لما قبله من غير إبطال وأخذ فيما بعده.
وقال أبو مسلم الأصبهاني : أم حسبتم نهي وقع بلفظ الاستفهام الذي يأتي للتبكيت. وتلخيصه : لا تحسبوا أن تدخلوا الجنة ولما يقع منكم الجهاد. لما قال : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا) (٣) كان في معنى : أتعلمون أن ذلك كما تؤمرون به ، أم تحسبون أن تدخلوا الجنة من غير مجاهدة وصبر. وإنما استبعد هذا لأن الله تعالى أوجب الجهاد قبل هذه الواقعة ، وأوجب الصبر على تحمل مشاقها ، وبين وجوه مصالحها في الدين والدنيا. فلما كان كذلك كان من البعد أن يصل الإنسان إلى السعادة والجنة مع إهمال هذه القاعدة انتهى كلامه. وظاهره : أن أم متصلة ، وحسبتم هنا بمعنى ظننتم الترجيحية ، وسدّ مسد مفعوليها أن وما
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ٢٣.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٤٠.
(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٣٩.