ولا تناصر أولادهم ، أخبر بمآلهم. وأن غاية من كفر ، ومنتهى من كذب بآيات الله النار ، فاحتلمت هذه الجملة أن تكون معطوفة على خبر : إن ، واحتمل أن تكونه مستأنفة عطفت على الجملة الأولى ، وأشار : بأولئك ، إلى بعدهم. وأتى بلفظ : هم ، المشعرة بالاختصاص ، وجعلهم نفس الوقود مبالغة في الاحتراق ، كأن النار ليس لها ما يضرمها إلا هم ، وتقدّم الكلام في الوقود في قوله : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) (١).
وقرأ الحسن ، ومجاهد ، وغيرهما : وقود ، بضم الواو ، وهو مصدر : وقدت النار تقد وقودا ، ويكون على حذف مضاف ، أي : أهل وقود النار ، أو : حطب وقود ، أو جعلهم نفس الوقود مبالغة ، كما تقول : زيد رضا.
وقد قيل في المصدر أيضا : وقود ، بفتح الواو ، وهو من المصادر التي جاءت على فعول بفتح الواو ، وتقدّم ذكر ذلك.
و : هم ، يحتمل أن يكون مبتدأ ، ويحتمل أن يكون فصلا.
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) لما ذكر أن من كفر وكذب بالله مآله إلى النار ، ولن يغني عنه ماله ولا ولده ، ذكر أن شأن هؤلاء في تكذيبهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وترتب العذاب على كفرهم ، كشأن من تقدّم من كفار الأمم ، أخذوا بذنوبهم ، وعذبوا عليها ، ونبه على آل فرعون ، لأن الكلام مع بني إسرائيل ، وهم يعرفون ما جرى لهم حين كذبوا بموسى من إغراقهم وتصييرهم آخرا إلى النار ، وظهور بني إسرائيل عليهم ، وتوريثهم أماكن ملكهم ، ففي هذا كله بشارة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولمن آمن به. أن الكفار مآلهم في الدنيا إلى الاستئصال ، وفي الآخرة إلى النار ، كما جرى لآل فرعون ، أهلكوا في الدنيا ، وصاروا إلى النار.
واختلفوا في إعراب : كدأب ، فقيل : هو خبر مبتدأ محذوف ، فهو في موضع رفع ، التقدير : دأبهم كدأب ، وبه بدأ الزمخشري وابن عطية.
وقيل : هو في موضع نصب بوقود ، أي : توقد النار بهم ، كما توقد بآل فرعون. كما تقول : إنك لتظلم الناس كدأب أبيك ، تريد : كظلم أبيك ، قاله الزمخشري.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٤ والتحريم : ٦٦ / ٦.