ولا أدري : أيقال أم لا؟ قال النحاس : لا يقال دئب البتة ، وإنما يقال : دأب يدأب دؤبا هكذا حكى النحويون ، منهم الفرّاء ، حكاه في كتاب (المصادر).
وآل فرعون : أشياعه وأتباعه.
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هم كفار الأمم السالفة ، كقوم نوح ، وقوم هود ، وقوم شعيب ، وغيرهم. فالضمير على هذا عائد على آل فرعون ، ويحتمل أن يعود الضمير على الذين كفروا وهم معاصرو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وموضع : والذين ، جر عطفا على : آل فرعون.
(كَذَّبُوا بِآياتِنا) هذه الجملة تفسير للدأب ، كأنه قيل : ما فعلوا؟ وما فعل بهم؟ فقيل : كذبوا بآياتنا ، فهي كأنها جواب سؤال مقدّر ، وجوّزوا أن تكون في موضع الحال ، أي : مكذبين ، وجوزوا أن يكون الكلام تم عند قوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) ثم ابتدأ فقال : (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا) فيكون : الذين ، مبتدأ ، و : كذبوا خبره وفي قوله : بآياتنا ، التفات ، إذ قبله من الله ، فهو اسم غيبة ، فانتقل منه إلى التكلم.
و : الآيات ، يحتمل أن تكون المتلوة في كتب الله ، ويحتمل أن تكون العلامات الدالة على توحيد الله وصدق أنبيائه.
(فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) رجع من التكلم إلى الغيبة ، ومعنى الأخذ بالذنب : العقاب عليه ، والباء في : بذنوبهم ، للسبب.
(وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) تقدّم تفسير مثل هذا ، وفيه إشارة إلى سطوة الله على من كفر بآياته وكذب بها.
قيل : وتضمنت هذه الآيات من ضروب الفصاحة.
حسن الإبهام ، وهو فيما افتتحت به ، لينبه الفكر إلى النظر فيما بعده من الكلام.
ومجاز التشبيه في مواضع منها (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) وحقيقة النزول طرح جرم من علو إلى أسفل ، والقرآن مثبت في اللوح المحفوظ ، فلما أثبت في القلب صار بمنزلة جرم ألقي من علو إلى أسفل فشبه به ، وأطلق عليه لفظ الإنزال. وفي قوله : (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) القرآن مصدّق لما تقدّمه من الكتب ، شبه بالإنسان الذي بين يديه شيء يناله شيئا فشيئا. وفي قوله : (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) أقام المصدر فيه مقام اسم الفاعل ، فجعل التوراة كالرجل الذي يوري عنك أمرا ، أي : يستره لما فيها من