الأمنة؟ فأخبر تعالى تغشى طائفة منكم ، جاز ذلك. وقال ابن عطية : أسند الفعل إلى ضمير المبدل منه انتهى. لما أعرب نعاسا بدلا من أمنة ، كان القياس أن يحدث عن البدل لا عن المبدل منه ، فحدث هنا عن المبدل منه ، فإذا قلت : إن هندا حسنها فاتن ، كان الخبر عن حسنها ، هذا هو المشهور في كلام العرب. وأجاز بعض أصحابنا أن يخبر عن المبدل منه كما أجاز ذلك ابن عطية في الآية ، واستدل على ذلك بقوله :
إن السيوف غدوها ورواحها |
|
تركت هوازن مثل قرن الأعضب |
وبقول الآخر :
وكأنه لهق السراة كأنه |
|
ما حاجبيه معين بسواد |
فقال : تركت ، ولم يقل تركا. وقال معين : ولم يقل معينان ، فأعاد الضمير على المبدل منه وهو السيوف ، والضمير في كأنه ولم يعد على البدل وهي : غدوها ورواحها وحاجبيه. وما زائدة بين المبدل منه والبدل. ولا حجة فيما استدل به لاحتمال أن يكون انتصاب غدوها ورواحها على الظرف لا على البدل ، ولاحتمال أن يكون معين خبرا عن حاجبيه ، لأنه يجوز أن يخبر عن الاثنين اللذين لا يستغني أحدهما عن الآخر ، كاليدين والرجلين والعينين والحاجبين إخبار الواحد. كما قال :
لمن زحلوقه زل |
|
بها العينان تنهل |
وقال :
وكأنّ في العينين حبّ قرنفل |
|
أو سنبلا كحلت به فانهلت |
فقال : تنهل وكحلت له ، ولم يقل : تنهلان ، ولا كحلتا به. وهذا كما أجازوا أن يخبر عن الواحد من هذين أخبار المثنى قال :
إذا ذكرت عيني الزمان الذي مضى |
|
بصحراء فلج ظلتا تكفان |
فقال : ظلتا ولم يقل : ظلت تكف. وقرأ الباقون : يغشى بالياء ، حمله على لفظ النعاس.
(وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) قال مكي : أجمع المفسرون على أن هذه الطائفة هم