أبى الذمّ أخلاق الكسائي وانتحى |
|
به المجد أخلاق الأبوّ السوابق |
يريد الأبوة. جمع أب ، كما أن العمومة جمع عم ، والبنوّة جمع ابن. وقد قالوا : ابن وبنوّ انتهى. وقوله : وهذا الحذف كثير في كلامهم ليس كما ذكر ، بل لا يوجد مثل رام ورمى ، ولا حام وحمى ، يريد : رماة وحماة. وإن أراد حذف التاء من حيث الجملة كثير في كلامهم فالمدعي إنما هو الحذف من فعله ، ولا نقول أنّ الحذف ـ أعني حذف التاء ـ كثير في كلامهم ، لأنه يشعر أن بناء الجمع جاء عليها ، ثم حذفت كثيرا وليس كذلك ، بل الجمع جاء على فعول نحو : عم وعموم ، وفحل وفحول ، ثم جيء بالتاء لتأكيد معنى الجمع ، فلا نقول في عموم : أنه حذفت منه التاء كثيرا لأن الجمع لم يبن عليها ، بخلاف قضاة ورماة فإن الجمع بني عليها. وإنما تكلف النحويون لدخولها فيما كان لا ينبغي أن تدخل فيه ، إنّ ذلك على سبيل تأكيد الجمع ، لمّا رأوا زائدا لا معنى له ذكروا أنّه جاء بمعنى التوكيد ، كالزوائد التي لا يفهم لها معنى غير التأكيد. وأمّا البيت فالذي يقوله النحويون فيه : أنه مما شذ جمعه ولم يعل ، فيقال فيه : أبي كما قالوا : عصى في عصا ، وهو عندهم جمع على فعول ، وليس أصله أبوه. ولا يجمع ابن على بنوّة ، وإنما هما مصدران. والجملة من لو وجوابها هي معمول القول فهي في موضع نصب على المفعول ، وجاءت على نظم ما بعد إذا من تقديم نفي الموت على نفي القتل ، كما قدم الضرب على الغزو. والضمير في : لو كانوا ، هو لقتلى أحد ، قاله : الجمهور. أو للسرية الذين قتلوا ببئر معونة قاله : بكر بن سهل الدمياطي. وقرأ الجمهور : وما قتلوا بتخفيف التاء. وقرأ الحسن : بتشديدها للتكثير في المحال ، لا بالنسبة إلى محل واحد ، لأنه لا يمكن التكثير فيه.
(لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) اختلفوا في هذه اللام فقيل : هي لام كي. وقيل : لام الصيرورة. فإذا كانت لام كي فبما ذا تتعلق ، ولما ذا يشار بذلك؟ فذهب بعضهم : إلى أنّها تتعلق بمحذوف يدل عليه معنى الكلام وسياقه ، التقدير : أوقع ذلك ، أي القول والمعتقد في قلوبهم ليجعله حسرة عليهم. وإنما احتيج إلى تقدير هذا المحذوف لأنه لا يصح أن تتعلق اللام على أنها لام كي يقال : لأنهم لم يقولوا تلك المقالة ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ، فلا يصح ذلك أن يكون تعليلا لقولهم ، وإنما قالوا ذلك تثبيطا للمؤمنين عن الجهاد. ولا يصح أن يتعلق بالنهي وهو : لا يكونوا كالذين كفروا. لأن جعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ، لا يكون سببا لنهي الله المؤمنين عن مماثلة الكفار.