(١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨) ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠)
الحظ النصيب ، وإذا لم يقيد فإنما يستعمل في الخير. ماز وميز : فصل الشيء من الشيء. قال يعقوب : هما لغتان بمعنى واحد انتهى. والتضعيف ليس للنقل. وقيل : التشديد أقرب إلى الفخامة وأكثر في الاستعمال ، ألا ترى أنهم استعملوا المصدر على نية التشديد فقالوا : التمييز ، ولم يقولوا الميز انتهى. ويعني : ولم تقولوه مسموعا ، وأما بطريق القياس فيقال. وقيل : لا يكون مازالا في كثير من كثير ، فأما واحد من واحد فيتميز على معنى يعزل ، ولهذا قال أبو معاذ : يقال : ميزت بين شيئين ، ومزت بين الأشياء. اجتبى : اختار واصطفى ، وهي من جبيت الماء ، والمال وجبوتهما فاجتبى ، افتعل منه. فيحتمل أن تكون اللام واو أو ياء.
(يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) كرر الفعل على سبيل التوكيد ، إن كانت النعمة والفضل بيانا لمتعلق الاستبشار الأول ، قاله : الزمخشري. قال : وكرّر يستبشرون ليعلق به ما هو بيان لقوله : (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١) من ذكر النعمة والفضل ، وأن ذلك أجر لهم على إيمانهم ، يجب في عدل الله وحكمته أن يحصل لهم ولا يضيع انتهى. وهو على طريقة الاعتزال ، في ذكره وجوب الأجر وتحصيله على إيمانهم. وسلك ابن عطية طريقة أهل السنة فقال : أكد استبشارهم بقوله : يستبشرون ، ثم بين بقوله : وفضل إدخالهم الجنة الذي هو فضل منه ، لا بعمل أحد ، وأما النعمة في الجنة والدرجات فقد أخبر أنها على قدر الأعمال انتهى.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٧٠.